أنا شيعي، أنا مظلوم. ولكن!

تمارس المجتمعات كافة  التفرقة ضد الأقليات فيها. نرى ذلك في أكبر الديمقراطيات، كالهند وبريطانيا وأمريكا، كما نراها في أكثر الدول تخلفا. وبالتالي ليس غريبا أن تمارس التفرقة ضد الأقلية الشيعية في الكويت فمثل تلك التفرقة تمارس ضد الأقلية السنية في إيران وفي العراق وغيرها، وقريش حكمت المسلمين ستمائة عام!

تبلغ نسبة الشيعة في الكويت 16% تقريبا، وعلى المعترض تقديم دليله. وحتى لو كانت النسبة أكبر، لما اختلفت النتيجة.

للشيعة مقابرهم ومحاكمهم الشرعية، ويحتفلون سنويا بمناسباتهم الدينية. وبالرغم من كل ما تسببه تلك الاحتفالات من مضايقات للآخرين، إلا إن احدا لم يعترض عليها. كما يتجاور الشيعة مع غيرهم في السكن والعمل، وله ممثلين في البرلمان، وجمعيات دينية، وأحزاب نشطة. كما يتعامل الجميع مع شركات الشيعة التجارية والحرفية بشكل عادي. ومن الطبيعي القول هنا، وبقليل من التحفظ، أن الجميع متساوون تقريبا، أمام القانون، في الحقوق والواجبات، ولكن....!

هناك من لا يحابي الشيعي، ويحابي غيره ويفضله، وهناك من لا يسمح حتى بوجوده في مؤسسته. وهناك جهات حكومية قلما تجد فيها شيعيا، وجهات أخرى ترفض حتى تشغيله. وهناك شركات مساهمة لا تقوم بتوظيفهم، ولم يسألوا يوما عن السبب. وهناك تضييق على بناء الشيعة لدور عبادتهم. وهناك تحيز ما ضد الموظفين الحكوميين منهم، فيما يتعلق بالترقيات والعلاوات، وفي الوصول لمراكز قرار معينة. وهناك عشرات علامات الاستفهام، هنا وهناك، على الشيعي، وعن مدى ولاءه لوطنه، وهم مطالبون باستمرار بإثبات وطنيتهم، وصحة انتمائهم!

ولكن لو كانت كل هذه الأمور صحيحة، وهي بالفعل صحيحة، ولو كان الوضع أسوا من ذلك، فهل يكفي لتبرير التآمر على الوطن؟

نعم الشيعي مظلوم، وتمارس مختلف التصرفات التعسفية ضده، وتمارس التفرقة معه في الوظيفة والترقية والعلاوة، وحتى في جهات العمل التي يحق له الإلتحاق بها، فهل يبرر الظلم الذي وقع عليه، وهو الذي يعتقد أنه من أوائل من سكن هذه الأرض الطيبة، أن يقوم بالاتصال والتعاون مع من يريد الشر لوطنه؟

ماذا فعل السود أو الكاثوليك في أمريكا لرفع الظلم عنهم، أو تقليل ممارسة التفرقة ضدهم؟ لجئوا لصناديق الاقتراع، ولوسائل الإعلام. ماذا فعل الشيعة في الكويت وغيرها لرفع الظلم عنهم؟ قاموا، غالبا، بإيصال أكثر المتطرفين مذهبيا لمقاعد البرلمان، والذين كانوا، في الغالب، سببا في زيادة تطرفهم المذهبي، وزيادة الحذر منهم!

لماذا يقوموا باختيار المرشح المتطرف مذهبيا، ويستبعدوا غيره؟ هل لأعتقادهم أنه اقدر من غيره على انتزاع "حقوقهم" من السلطة؟ الواقع يقول عكس ذلك، فغالبية هؤلاء "النواب الطائفيون" استغلوا تطرفهم الظاهر لتحقيق مصالحهم الخاصة، والأمثلة أمامنا كثيرة.

من الاستحالة تقريبا القضاء على التفرقة، في اي مجتمع كان، ولكن من الممكن تقليل هوة وحجم التفرقة، وهذه تتطلب من السلطة ثقة اكبر بمواطنيها، وتطرفا مذهبيا اقل من الجهة الأخرى. فهل يمتلك الطرفان الشجاعة اللازمة؟ أليست العلمانية هي الحل؟

أحمد الصراف 

الارشيف

Back to Top