الأعظم أم الأكثر تأثيرا

قام الكاتب الأمريكي "مايكل هارت" قبل أكثر من نصف قرن بوضع كتاب بعنوان "المائة، الأكثر تأثيرا في التاريخ، the 100,the ranking of the most influential persons in history وضمنه قائمة بسيرة الشخصيات المائة الأكثر تأثيرا في التاريخ البشري، من وجهة نظر الكاتب، الذي اعتمد في وضع القائمة على أسس ومعايير محددة منها أن تكون الشخصية معروفة، وأن يكون تأثيرها عالميا وكبيرا، وبالتالي أستبعد كل من كان على قيد الحياة لحظة وضع الكتاب، أو لم يكن معروفا في التاريخ، كمن أخترع الكتابة مثلا! وترجم الكاتب المصري الراحل أنيس منصور الكتاب بطريقة غير أمينة، ووضع له عنوانا مخادعا: "اعظم مائة شخصية في التاريخ". علما بأن الشخصية الأكثر تأثيرا في الكتاب كانت النبي "محمد"، حسب تصنيف "هارت"، والتلاعب كان في العنوان، فالأكثر تأثيرا تختلف عن الأعظم، والدليل أن شخصية هتلر كانت ضمن الكتاب، ولا أعتقد ان هناك اتفاق على عظمة شخصيته ولكن تأثيره على مسيرة التاريخ كانت طاغية ومخيفة. كما تضمنت القائمة اسم ستالين، السفاح بنظر الكثير من المؤرخين، وبالتالي كان أنيس منصور مفتريا في تلاعبه بعنوان الكتاب.

وبرر "هارت" وضع نبي الإسلام في المقدمة، وقبل المسيح، الذي يؤمن به شخصيا، لما لشخصية الرسول من تأثير شخصي مباشر على المسلمين من بعده، وبدرجة تزيد عن تأثير المسيح على المسيحين، بكثير.

كما قام "هارت" باختيار الفيزيائي وعالم الرياضيات الإنجليزي "إسحاق نيوتن" كأكثر الشخصيات تأثيرا في التاريخ، فما اكتشفه ووضع أسسه العلمية، ونظرياته الحسابية، لا تزال حتى اليوم، وإلى الأبد مصدر إلهام ومعرفة وفائدة واستخدام يومي لكافة البشر.

أجمل ما في الكتاب ما تضمنته نهايته من مقارنات بين ابناء الشعوب، وهو الجزء الذي أهمل منصور ترجمته، وكيف أن الشعب الاسكتلندي هو من أكثر الشعوب ذكاء وعطاء، فنسبة كبيرة ممن قدموا خدمات جليلة للبشرية في مجالات الطب والاستكشافات والاختراعات كانوا اسكتلنديين. وبالرغم مما يطلقه البعض من أوصاف على هذه الشخصية أو تلك لدورها في اختراع الإنترنت، إلا أن من الصعب نسبة الفضل في هذا الاختراع لجهة معينة، خاصة أو حكومية، ولكن لو كان لشخص محدد الدور الأكبر في اختراعه، وكان معروفا في وقت وضع "هارت" لكتابه، لربما كان الشخصية الأكثر تأثيرا في التاريخ، لما يقوم به الإنترنت اليوم، في عيد ميلاده الثلاثين، من دور حيوي لا يمكن تخيل كيف يمكن أن يصبح العالم بدونه، وخاصة في ادارة المصارف وأعمال البورصات العالمية وتنظيم سير ملايين رحلات الطيران والبواخر والقطارات اليومية وغير ذلك مما لا يمكن لعقل حصره.   

الارشيف

Back to Top