إغراءات المسيح وخطورة شجرة الميلاد في الكويت
إغراءات المسيح وقنبلة شجرة الميلاد
كل ما يقال عن الانفتاح والسماح "للجميع" بدخول البلاد، وخلق موارد بديلة للنفط، ونشر التسامح بين مكونات الدولة، لا تعني الكثير طالما أن الحكومة لم تحدد هوية الدولة، هل هي دينية أم مدنية! فالتصريحات، وبعض القرارات، تقول أنها منفتحة ومدنية، لكن "من تحت لتحت" لا يزال الفكر المتشدد هو المسيطر.
****
أنتجت هوليوود عام 1988 فيلم "الإغراء الأخير للمسيح". لتضمنه إساءة لصورة السيد المسيح، قامت مظاهرات احتجاج في عدة مدن، لكن استمر عرض الفيلم الذي فشل تاليا، بعد أن صرح كبير اساقفة إنجلترا بأن المسيحية لا تستحق أن تُتبع إن كان فيلم من الدرجة الثالثة يمكن أن يؤثر عليها.
دين يتبعه 1.5 مليار مسلم لا يجب أن يتخوف أتباعه من قيام محل أو فندق بوضع شجرة بلاستيكية، ترمز لميلاد المسيح، فهذا مظهر ضعف، فكيف لدين استمر ل 1400 سنة، وهزم آلاف الغزاة، أن يجزع من شجرة بلاستيكية.
عايشت شخصيا، منذ الستينيات، هذا الهلع، الأحمق، على دين عالمي، وكيف قام رئيس حزب ديني حينها بالطلب من عشرات مستأجري محلات الملابس في عماراته بإزالة رؤوس المانيكات، المصنوعة من البلاستيك، من نوافذ العرض. وتبعه أصحاب باقي المحلات وأصبح الأمر عرفا لسنوات طويلة، واختفت تماما، مع تغير طريقة عرض الملابس، عالميا.
كما كانت وزارة الإعلام تمنع العزف على البيانو في صالات الفنادق بدون ترخيص كتابي، يجدد شهريا، على أن ينتهي مفعوله مع نهاية نوفمبر ويصدر ترخيص جديد في شهر ديسمبر لفترة 23 يوما فقط، ومن منطلق "النحاسة" لمنع الفنادق من العزف خلال فترتي الكريسماس ورأس السنةَ!! الغريب أن هذا القرار استمر العمل به لأكثر من نصف قرن، قبل أن يلغى مؤخرا فقط.
كما كانت وزارة الإعلام، وربما لا تزال، ترسل "مراقبيها" لكل حفلة، للتيقن من أن أمورا "مخلة بالآداب" لا يتم ارتكابها. كما أن مفتشي البلدية، الأكثر تشددا و"ذكاءً" طبعا، لا يزالون يتفقدون المحلات والأسواق المركزية ويصادرون أو يتلفون أية رموز دينية، تتمثل في شجرة ميلاد، وما يصاحبها من ديكورات ورموز دينية، ربما لخطورتها الشديدة على أمن الدولة والدين! علما بأن وزارة التجارة، في نفس الحكومة، سبق أن سمحت لهؤلاء التجار باستيراد تلك المواد، ليأتي أشاوسة جهة أخرى ويتلفوها، مع تسليم "المخالف" إنذاراً بالإغلاق.
جميل إن نرى كل مؤشرات الانفتاح، وتصريحات المسئولين بأننا مقبلون على ازدهار سياحي، وأن الفيزا ستمنح لأي كان طالما لا قيود أمنية عليه، وبإمكان الجميع زيارة الكويت، وأن التجارة حرة، ونريد من الجميع التمتع بأوقاتهم، وغير ذلك، إلا أن قوى الأحزاب الدينية، والقيود الأمنية لا تزال متنفذة!.
من حق الجهات الحكومية ، من داخلية وبلدية وأعلام أن تتصرف بما يناسبها، لكن نتمنى عدم المبالغة في التصريح بأننا مقبلون على انفتاح، عظيم، فقد كان مؤلما قراءة نص رسالة أرسلها اتحاد أصحاب الفنادق، لمدراء الفنادق، "يبشرهم" فيها "بصدور الأوامر" بوضع شجرة الميلاد في بهو الفندق، ليأتي مفتش "بلدي" ويحرر مخالفة لأحد الفنادق، ويهدد بإغلاقه، إن لم تزل الشجرة البلاستيكية ...فورا.
الوضع محزن، وعلى الحكومة تحديد هوية الدولة، فقد تعبنا بالفعل.





