فكر مصطفى محمود

ولد د. مصطفى محمود عام 1921 وتوفي قبل سنتين فقط. وقد هجر الطب في شبابه ولجأ إلى كتابة الرواية، ولكنه تدروش بعدها عندما لم يجد في ما قرأه واطلع عليه إجابة عن تساؤلاته عن الكون والوجود والموت والحياة، وقام بوضع عدة كتب «فلسفية» دينية. وبالرغم من أن إنتاجه الغزير، الذي قارب 90 مؤلفاً، إلا أن ايا منها لم يحظ بشهرة غير رواية «رجل تحت الصفر». كما قدم لسنوات برنامج «العلم والإيمان» على التلفزيون، وبنى مسجدا عام 1979 اطلق عليه اسم والده ولكن اشتهر باسمه، وألحق به عدة ‏مراكز‏ ‏طبية‏ توفر العلاج للفقراء. وبسبب تعدد قراءاته واهتماماته الثقافية ودراسته للطب فقد تقلبت آراؤه وأفكاره بين ما قد يفسر بانه الإلحاد والتشكيك وبين الإيمان الشديد، ومع كل «ثقافته» لم يستطع غير أن يعجب بشدة بشخصية السادات، الذي رأى فيه البطل و«الرئيس المؤمن»، ربما لأن السادات ساعده في إحدى محنه ووقف معه، وبالتالي لم ير فيه انه ساهم في إيصال مصر لما هي عليه الآن من خراب. ويقال إن السادات عرض عليه يوما الوزارة فاعتذر قائلا انه فشل في إدارة أسرته، حيث طلق مرتين، فكيف ينجح في إدارة وزارة؟!

على الرغم من تدين د. محمود وغزير إنتاجه الأدبي و«الديني» بالذات إلا ان ذلك لم يشفع له عندما تطرفت آراؤه الدينية، من وجهة نظر بعض الأزهريين ورجال دين آخرين، وخاصة بعد وضع كتاب عن «الشفاعة» فحاولوا إخراجه من «الملة» وتكفيره، وهوجم في فكره وشخصه في أكثر من 20 كتابا، وأثر فيه ذلك كثيرا، ولم يستطع مواجهة شراسة الهجوم بسبب عجزه وكبر سنه، فاختار الانزواء، حتى توفي عام 2009.

يقول د. محمود في أحد نصوصه الجيدة: رجل الدين ليس حرفة ولا يصلح لأن يكون حرفة ولا توجد في الإسلام وظيفة اسمها رجل دين. وليس عندنا زي اسمه زي إسلامي، والجلباب والسروال والشمروخ واللحية أعراف وعادات يشترك فيها المسلم والبوذي والمجوسي والدرزي ومطربو الديسكو ولحية الهيبي اطول من الجميع! وأن يكون اسمك محمدا أو عليا أو عثمان لا يكفي لتكون مسلما، وديانتك على البطاقة هي الأخرى مجرد كلمة، والسبحة والتمتمة والحمحمة وسمت الدراويش وتهليلة المشايخ أحيانا يباشرها الممثلون بإجادة أكثر من أصحابها. والرايات واللافتات والمجامر والمباخر والجماعات الدينية أحيانا يختفي وراءها التآمر والمكر السياسي والفتن والثورات التي لا تمت إلى الدين! إلى أن ينتهي بالقول في نصه المطول: هذا هو الدين، وهو أكبر بكثير من أن يكون حرفة أو وظيفة أو بطاقة أو مؤسسة أو زيا رسميا! انتهى.
فهل يفهم صاحبنا، مهندس افكار الجماعة، والذي بنى ثروته وكون شهرة مكتبه، باستغلال الدين، مثل هذا الكلام؟ أشك في ذلك!

الارشيف

Back to Top