ما هي درجة التسيب؟

تعتبر حالة عدم الانسجام، الذي يبلغ حد التنافر أحيانا، بين اعضاء الحكومة من اكبر معوقات القدرة على انجاز ما هو مطلوب منها من اعمالِ وهذا امر عاب الكثير من الحكومات السابقة، حيث نجد ان عدد 'نواب الخدمات' الممثل فيها ونوعية الحقائب الوزارية التي اعطيت لهم قد فاق ما سبق ان تعودنا عليه.
وقد تعلم الكثير من هؤلاء المسؤولين من اخطاء من سبقوهم من الوزراء فتجنبوا توظيف اقاربهم او المنتمين اليهم او المتفقين مع خطهم السياسي بصورة مباشرة، بل اصبح كل وزير منهم يطلب من صاحبة الوزير الآخر تعيين صديقه او قريبه في ذلك المنصب الرفيع او تكليفه بتلك المهمة المرموقة مقابل ان يقوم هو بدوره في تقديم الخدمة ذاتها لزميله الوزير الآخر! وهكذا يتم تحقيق الهدف السياسي والانتخابي 'المرجو' دون ادنى ضجة او اثارة غير مستحبة.
***
بينت اخبار انشطة عدد من وزراء الخدمات ان تسليم هؤلاء حقائب وزارية في وزارات تتعلق اعمالها مباشرة بمصالح جمهور عريض من المواطنين أمر لم يكن يوما في صالح كافة فئات المجتمع بشكل عامِ حيث من المتوقع، كما علمتنا التجارب السابقة، ان اهتمام الوزير سينصب بالدرجة الاولى على تقديم افضل الخدمات وكل الاهتمام لما له علاقة بمصالحه الانتخابية المباشرة اولا، ثم الاهتمام بما له علاقة بمصالح منطقته الانتخابية، وثالثا الاهتمام بما يفيد وينفع فئته، ثم رعاية مصالح طائفته، او قبيلته! وإن تبقى لديه بعد كل ذلك وقت ونشاط ومال او منصب فسوف 'يمنع'، قدر الامكان، ويحجب عن خصومه السياسيين او من يختلف معهم فكريا او عقائديا او سياسيا!
***
تعتبر وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل من اكثر الوزارات خرابا وفسادا وترهلا بالرغم من تشعب وتعلق اعمال ومصالح كافة المواطنين تقريبا بها بطريقة او بأخرى.
ولم يستطع أي مسؤول تولي مهام القيادة في هذه الوزارة، وفي غيرها من وزارات الخدمات الكبيرة والمتشعبة، في السنوات العشرين الماضية من تقديم ولو فرد واحد من جيش الموظفين الذي يعمل بها للمحاكمة بالرغم من كل ما تشكو منه هذه الوزارات من تسيب وفساد وإهمال واضح.
ويبدو ان الوضع المتدهور الحالي يعمل لصالح فئات كثيرة داخل مثل هذه الوزارات التي عرف مسؤولوها في مرحلة مبكرة ان اي تغيير او تسهيل لمعاملات جمهور المراجعين سوف لن يكون في صالح مصالحهم الشخصية في نهاية الامر.
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top