التقيت في مناسبة اجتماعية بسفير المملكة المغربية سعادة المكي كوان، والذي غمرني بلطفه وأدبه الجم، وبهرني باتساع ثقافته وإدراكه للكثير من الوقائع التي يعتقد الواحد منا في الشرق أن أهل المغرب أبعد ما يكونون عن الاهتمام بهاِ ولفتت نظري بطاقته التعريفية التي قدمها لي، والطريقة التي كتب فيها اسمه، حيث وضع ثلاث نقط على حرف الكاف من اسم عائلته! وكان من الممكن أن لا يثير هذا انتباهي، لو لم يكن من قدم لي تلك البطاقة سفيرا لدولة تعتز بلغتها العربية وبنسل ملكها الذي يعود للرسول، والذي يحمل لقب 'أمير المؤمنين'!
بعد الاستفسار منه تبين ان حرف الكاف بثلاث نقاط هي الكاف نفسها التي يضع البعض منا فوقها 'شرطة'، والتي تسمى مجازا بالكاف الفارسية، وذلك عند الرغبة في إعطاء كلمة أجنبية او اسم شيء غير عربي نطقه الصحيح حسب مصدرهِ فاسم السفير، حسب وجهة نظره، يجب ان يكتب بالطريقة التي عادة ما يلفظ به، أي بالكاف الفارسية!
أثارت ملاحظته تلك انتباهي وبينت لي أحد أوجه الضعف التي تشكو منها اللغة العربية بسبب افتقارها إلى ثلاثة حروف مهمة موجودة في لغات العالم كافة، والتي لو قمنا باضافتها، على المطابع الصحفية على الأقل، لقمنا باسداء خدمة ثقافية هامة لقطاع كبير من القراء ولتجنبنا بالتالي الفوضى المضحكة التي عادة ما تقع فيها الصحافة عند كتابة اسم علم مثل g. gardener حيث ستكتب مرة 'جاردنر' ومرة 'غاردنر'، وثالثة 'كاردنر'، وكل ذلك في مطبوعات صحفية لدولة واحدة، والطرق الثلاث في الكتابة لا تعطي النطق الصحيح، ومن يحاول ان ينطق بها أمام صاحبها، كما قرأها بالعربية سيظهر نفسه بمظهر الجاهل.
كما يكاد ان يصبح نطق حرف ال p معضلة عربيةِ فالعرب ربما يكونون الأمة الرئيسية الوحيدة التي لا تحتوي لغتها على هذا الحرف، ولذلك تجد أن كلمات مثل paris، people تصبح على ألسنتهم 'باريس وبيبول'!، وهكذا يمكن فرز العربي من غيره بسهولة!
ولتجنب ذلك يقوم البعض بالتدريب، أو التحايل على الوضع بوضع ثلاث نقط فوق حرف الباء لتنطق p.
تتكرر هذه المشكلة مع حرف ال v حيث يضع البعض ثلاث نقط على حرف الفاء ليصل إلى النطق الصحيح.
وعليه ندعو 'القبس'، التي كانت سباقة ورائدة في الكثير من الأمور، إلى التفكير باضافة هذه التعديلات الجوهرية على حروف اللغة العربية الثلاثة 'ك، ب، ف' لكي يمكن التغلب على الفوضى التي تواجه الصحافة في الكتابة الصحيحة لعشرات آلاف الكلمات غير العربية التي تحتوي على تلك الحروف المهمة.