لماذا وكيف تخلفنا؟

ــ لا ادري مدى صحة الخبر، لوروده على لسان المرشح وليد الطبطبائي، حيث ذكر ان مخططا في التربية لالغاء تدريس مادة القرآن من منهج المرحلة الثانوية!
الخبر، ان صح، فإنه لم يرد في الصحافة كذلك بل ورد على اساس وجود نية لدمج، وليس لالغاء، تدريس القرآن بمادة التربية الاسلامية!! لكن الطبطبائي يعرف كيفية دغدغة الرخيص من المشاعر، وان كلمة «دمج»، الصحيحة ليست بقوة «الغاء» في التأثير في الناخبين!! ولكن هذا ليس مهما هنا.
لو قمنا بتقسيم الكويت الى فئتين: الاولى فوق سن الاربعين، والثانية دون ذلك، لوجدنا ان فئة الدون هي التي تلقت تعليمها من خلال مناهج وضعتها القوى الدينية المتخلفة، بالذات قوى جمعية الاصلاح الاجتماعي، الفرع المحلي لتنظيم الاخوان العالمي. ولكن لو نظرنا إلى فئة ما فوق الاربعين لوجدنا انها الفئة التي تلقت تعليمها من خلال مناهج متسامحة ذات طابع عصري مع مسحة دينية تطلبتها ظروف البلاد وقتها. وكان طلبة تلك المرحلة، وحتما حتى اليوم، بغير حاجة لأكثر من ذلك بسبب البيئة المتآلفة والمنفتحة التي كانوا يعيشون فيها والتي كانت تقبل الآخر، مواطنا كان ام غير ذلك.
ثم جاء الغبار البري وفكر الاخوان المصري «ليعفس» مناهج التعليم ويقلبها رأسا على عقب وينجح في زيادة الجرعة الدينية في مناهج التربية الحكومية، ويفرض الشيء ذاته، عن طريق الارهاب الاداري، على المدارس الخاصة، ويضع بالتالي نهاية لخمسة عقود من التعليم المنتظم والمتسامح.
نتج عن ذلك تغير هائل في مجمل اخلاقيات المجتمع الكويتي، وخصوصا ضمن فئة الاربعين، حيث تزايدت، عكس ما كان متوقعا، وبشكل مقلق ومخيف، وتيرة وكم الجرائم التي ارتكبت والتي ترتكب يوميا من قبل فئة الشباب، وخصوصا في المدارس الثانوية الحكومية ومن رجال الامن والجيش، من خريجي مدارس مناهج الاخوان والسلف، ومن الفئة العمرية التي تقع بين العشرين والثلاثين، وهي الفئة العمرية الغالبة ايضا على اعمار الذين قتلوا انفسهم والغير في الشيشان وافغانستان والعراق.
ولو قيل إن المجتمع الكويتي قد تغير وزاد عدده عما كان عليه الحال قبل ثلاثين او اربعين عاما وبالتالي من المنطقي زيادة نسبة جرائمه تباعا، لرددنا على ذلك بالقول ان مدارس ومراكز التحفيظ، التي لم يوجد منها غير واحد قبل اربعين عاما قد زادت في الفترة نفسها بنسبة 1500%. كما وصل عدد الجمعيات الدينية الى 150، ولم تكن اكثر من واحدة قبل نصف قرن. هذا غير الزيادة الكبيرة في الدروس الدينية في المدارس كافة، والزيادة الهائلة في اعداد مراكز التوعية والمساجد والمطبوعات الدينية وما يخصص من مساحات هائلة في الصحف «للارشاد» والملايين التي تصرف على الحملات الاعلانية مثل «الا صلاتي» وغيرها العشرات!! فبعد كل ذلك كان من المفترض ان يكون مجتمع الكويت كامل الصلاح والتدين واكثر بعدا عن جرائم الخطف وهتك عرض الفتيات القصر والاطفال والمخدرات والتهريب وسرقة مركبات الشرطة والاعتداء على الاطباء والمدرسين! والاغرب والامر من ذلك، ان الفساد والتدهور الاخلاقي شملا قطاعات كثيرة غير التعليم، الذي تدهور بمجمله، حيث ارتفعت معدلات البطالة بعد سيطرة الجماعات الاسلامية على زمام الامور في مجلس الامة والمجتمع الكويتي. وزاد الفساد الاداري، وتخلفنا على المستوى الرياضي، وتدهور المسرح وتخلفت الفنون الراقية كالموسيقى والرسم والغناء وكادت تختفي من حياتنا كل مظاهر البهجة والفرح.
اليوم هو يوم الحساب الكبير، فاما ان يأتي مجلس يعرف كيف يصلح المجتمع، دون اللجوء الى تكفير هذا الفريق والحجز على هذه الجماعة، او ان يبقى الحال كماكان عليه ويستمر تدهورنا لنصبح لبنانا آخر.

• ملاحظة:
تابعونا اليوم السبت على تلفزيون «العربية» في برنامج «بانوراما» ضمن نشرة أخبار العاشرة مساء

الارشيف

Back to Top