نداء من ندا

تقول الشاعرة والدكتورة سيلفا بوتويان ان ندا سلطان نادتها الحرية لتكون شهيدتها، بعد ان اغلقت بنادق الطغاة.. من شباب العقيدة عينيها الجميلتين الى الأبد!!
ففي صباح 20 يونيو سقطت ندا شهيدة الانتفاضة الايرانية، في ساحة «هفت تير» ذات الرمز الثوري، وبرصاص «اسلامي معمّم»، ولم تكن ندا قد تجاوزت السابعة والعشرين من العمر وقتها، اي من عمر ثورتها التي ضحى والدها بالكثير قبل 30 عاما لكي تنجح، وهي الثورة التي قامت من اجل الحرية والكرامة ولقمة الخبز الشريفة والاستقلال ونصرة مظلومي الشعب الايراني، ومن اجل اغلاق سجون الشاه والتخلص من بطانته الفاسدة، ولإنعاش الاقتصاد وعودة المهجّرين، والعفو عن الهاربين والمحكومين السياسيين واتباع العدالة في توزيع ثروة الوطن، ولكن بعد 30 عاما ماذا نرى أمامنا؟
نعم نجحت الثورة الخمينية المباركة في القضاء على نظام السافاك، او البوليس السري، واعدمت قادته، ولكن سرعان ما خلق نظام الخميني الديني نظاما اكثر قسوة وبطشا منه، فأي حكم ديني مخالف للطبيعة البشرية بحاجة لجهاز عسكري ليحميه. وهكذا عاد السافاك بعباءة دينية اكثر تعطشا لسفك الدماء، لأن ما هو مطلوب منه حمايته الآن اصبح اكبر من شاه واخطر من امبراطور، بعد ان اصبح «المرشد الأعلى» جزءا لا يتجزأ من العقيدة والمذهب وبحاجة لمن يبقيه، عشرات الأباطرة الصغار الآخرون أحياء يرزقون في القصور والمجالس والحوزات.
ومثلما نجحت الثورة في مصادرة ثروات ومصانع وشركات كل اولئك الذين أثروا، بطريقة مشروعة او غير ذلك، اثناء فترة حكم الشاه ووالده، نجحت كذلك في تضييع هذه الثروات وتخريب تلك المصانع عندما وضعتها جميعا تحت مظلة واحدة باسم «المحرومين» خالقة بذلك أكبر كيان تجاري فاسد في العالم.
ومثلما نجحت الثورة في اخلاء كل سجون الشاه من عشرات الاف المعتقلين السياسيين المناهضين للنظام السابق، فانها نجحت كذلك في احلال اعداء الثورة محلهم من معارضي نظام الملالي، وما أكثرهم، واصبح سجن «نيفين» الرهيب عنوانا لبطش النظام ودكتاتوريته.
كما نجحت الثورة في أيامها الأولى في اعادة الكرامة للمواطن الايراني الذي كانت مسلوبة منه، ولكنها عادت وسلبته كل ذلك بحجة المحافظة على النظام من اعدائه في الداخل والخارج. وبعد 30 عاما لا يزال حلم الايراني هو في السفر الى الدول الخليجية للرواح عن النفس، شراء وبيعا، او الهجرة لأوروبا أو أميركا.. وللأبد!!
يقول آية الله المرشد ان المتظاهرين يخطئون عندما يعتقدون ان بإمكان الشارع تغيير نتيجة الانتخابات، ونسي «عظمته» أن تظاهرات الشارع قبل 30 عاما هي نفسها التي قوضت أركان النظام السابق الفاسد، وأوصلته هو بالذات الى سدة الحكم ليقول ما قاله.
قد لا تعاد الانتخابات، وقد لا يصل موسوي لرئاسة الجمهورية، وربما سيتم اغتياله في نهاية الأمر، ولن يصل رئيس لأي منصب مرموق من دون موافقة المرشد الأعلى المهيمن على مقدرات البلاد، والذي لا يمكن لأي رئيس جمهورية القيام بشيء من دون رضاه وقبوله، ولكن مع هذا فان عرش العمائم السوداء قد بدأ بالاهتزاز ومصيره السقوط عاجلا أم آجلا!!

الارشيف

Back to Top