من ذكريات الجيل الكبير
في فبراير 1939 فتحت «المدرسة الوطنية الجعفرية» أبوابها، كأول مدرسة نظامية أهلية خيرية في الكويت، وثالث مدرسة نظامية في تاريخ الدولة.
بالرغم مما كان يوحيه اسمها القديم من نزعة مذهبية، فإنها كانت معتدلة تماماً، فلم يدرّس فيها الفقه الشيعي، بل كانت أبوابها مفتوحة للجميع، بصرف النظر عن الخلفيات، وتغيّر اسمها خلال فترة الحرب العراقية الإيرانية، إلى «المدرسة الوطنية»، وكان أحمد محمد حسين معرفي، وراء فكرة تأسيسها، وأول من تبرع وجمع التبرعات لها، لكن مع شحها في الخمسينيات انتقلت ملكية المدرسة والترخيص للمرحوم محمد رفيع معرفي، الذي حمل على عاتقه مهمة تغطية أي عجز فيها، وبعد وفاته انتقل الترخيص والملكية والمسؤولية لابنه، رجل الأعمال المعروف عبدالإله معرفي، وأصبح وأسرة معرفي من يمولون أي عجز تواجهه المدرسة.
تميزت «المدرسة الوطنية» بجودة التعليم فيها، ولا تزال كذلك، حيث كانت الدراسة فيها أكثر جدّية، وتركز على المواد التالية، بالذات؛ الرياضيات واللغتين العربية والإنكليزية. وكنا نلاحظ، في المدارس الحكومية، التي كان يلتحق بها من انهوا دراستهم في «الجعفرية»، تميز طلبتها علينا في اللغتين العربية والإنكليزية والرياضيات.
كما تميزت المدرسة الوطنية في بداياتها بتوفير التعليم الابتدائي لأبناء الأسر المعسرة، مجاناً، كما أنها، وبخلاف المباركية والاحمدية، لا تزال، وبعد قرابة تسعين عاماً، تعمل، وأضافت لنشاطها مدرسة للبنات!
* * *
كان مقر المدرسة الوطنية، قبل أن تهدم وتنتقل لمقرها الحالي في حولي، يقع في شارع الميدان (أبو عبيدة، سابقاً) المتفرع من شارع أحمد الجابر، الذي انتقلت له من مبناها السابق على البحر، وقد عشت وبلغت الثمانين، ولم أشاهد أي من مبانيها الأربعة حتى اليوم، وهذه من الصدف الغريبة، فقد كانت مواقعها ضمن بيئتي، كما سبق للمرحوم والدي أن تلقى تعليمه فيها.
ما ينفي عن المدرسة الجعفرية طابعها المذهبي، وهو الأمر الذي كنت أجهله، أسماء من درّسوا أو درسوا فيها، ومنهم الاساتذة فهد الموسى، دعيج العون، محمد النشمي، عبداللطيف العمر، عبداللطيف الفلاح، خالد المسعود، عبدالعزيز ومعجب الدوسري، عبدالعزيز البالول، سعود الخرجي، عبدالله الهندي، الملا عيسى المطر، الملا راشد السيف، عبدالوهاب هاشم البدر وغيرهم. كما سبق أن درس في المدرسة الجعفرية صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل، واخواه خالد ونواف، كما درس فيها جابر وسالم العلي، وسالم وعبدالله وعلي صباح الناصر، ومالك ويوسف ومبارك وعلي المالك، ومبارك عبدالله الجابر، وناصر صباح الناصر. كما درس فيها عيسى اليوسفي، وعقيل يعقوب بهبهاني، ومحمد مساعد الصالح، وثابت محمد المهنا، وإسماعيل بهمن، وحسن تيفوني، وحامد أمين (سنجر) والآلاف غيرهم. كما كان المرحوم الحاكم أحمد الجابر أول شخصية كبيرة تبرعت لتأسيس المدرسة، وألحق بعض أبنائه بها.
وعندما أصبحت المدرسة تحت إشراف وزارة التربية عام 1978، أصبح صلاح الدين القدومي أول ناظر لها، ثم تبعه إبراهيم القطان، ومن 1988 إلى 1990 يوسف المناعي، وتبعهم أكثر من خمسين ناظراً تقريباً.
من أعمدة المدرسة الأستاذ الأردني محمد حسن عودة، الذي التحق فيها مدرساً قبل ستين عاماً، وتقلد تالياً مختلف المناصب، قبل أن يصبح في السنوات القليلة الماضية المدير العام لشركة المعرفة للخدمات التعليمية، التي تضم تحت جناحيها مدرستي الذكور والبنات، وهو مثال الشخصية الفاضلة، التي تستحق التكريم الجميل، من أكثر من جهة.
أحمد الصراف