تذكّروا هؤلاء.. بيننا وبينهم

في رد على سؤال عن مدى تمتع «إسرائيل» بشرعية دولية، قال رالف وايلد، أستاذ القانون الدولي في جامعة university college london، إن إسرائيل لا تمتلك الرابط التاريخي والقانوني بأرض فلسطين. فقد تقرر في «عصبة الأمم»، ووفقًا للميثاق الذي كان جزءًا من «معاهدة فرساي»، أن تبقى فلسطين تحت الانتداب بصورة مؤقتة، ثم يتم الاعتراف بها تاليًا كدولة مستقلة تشمل جميع السكان، من دون استثناء، وليست لفئة منهم. لكن إعلان إسرائيل لاحقًا أنها دولة يهودية خالصة، ألغى كليًا الأساس القانوني الدولي لوجودها على تلك الأرض! وهذا يؤكد ما سبق أن ذكرناه من أن وجود أيّة مطالبة فلسطينية، حتى ولو كانت لمتر مربع واحد من أرض فلسطين، سيشكل دائمًا مصدر خطر وقلق شديدين، سياسيًا وأمنيًا ونفسيًا، للقيادة الإسرائيلية. والطريقة الوحيدة للتعامل مع هذا الوضع تكمن في إسكات الصوت الفلسطيني إلى الأبد، إما من خلال الترحيل لدولة أو دول أخرى، أو إفنائهم. وعلى ضوء هذه الحقيقة، ليس أمام الفلسطينيين غير المقاومة، إن كانوا بالفعل يهدفون للبقاء على مطالبهم وعشقهم لأرضهم، وتأكيد هويتهم وكرامتهم وحريتهم! وربما يتطلب الأمر هنا إجراء استفتاء عام، تشرف عليه الأمم المتحدة لمعرفة حقيقة مواقف الأغلبية.
* * *
يقول البروفيسور والمؤرخ اليهودي آفي شلايم، في كلمة ألقاها في قاعة «أوكسفورد يونيون» oxford union الشهيرة: «إن نتانياهو يشبه ذلك الذي يتظاهر بأنه يتفاوض مع صاحب المخبز على سعر قطعة بيتزا، بينما يقوم في الوقت نفسه بقضم أجزاء منها». ويضيف: «لا يوجد زعيم فلسطيني مهما كان معتدلاً على استعداد للسلام وفق الشروط العبثية، التي وضعتها إسرائيل (والتي ستحوّل الفلسطينيين لمرتبة أدنى بكثير من غيرهم)». كما أن الاستمرار في نهب وسرقة الأراضي الفلسطينية، وفي الوقت نفسه المطالبة بتحقيق السلام، أمران لا يمكن أن يجتمعا معاً.

ويقول الناشط جدعون ليفي: «أنا إسرائيلي، وولدت في إسرائيل، وأهتمُّ بوطني وأنتمي له، ومتعلق به تمامًا، ولكن يجب ألا نتحدّث عن التناظر هنا، وبإمكاني القول إنه لا يوجد حتى صراع بيننا. فهل كان هناك صراع بين فرنسا والجزائر؟ طبعًا لا، بل كان هناك احتلال وحشي فرنسي للجزائر، وانتهى. وبالتالي لا يوجد صراع فلسطيني إسرائيلي، بل يوجد نظام هو اليوم الأكثر قسوة ووحشية على الأرض، وأعلم ما أقوله، لأنني غطيت أحداثه على مدى 40 عامًا، وهذا النظام لا يمكن أن يوصف إلا بأنه نظام تفرقة عنصرية. فهناك شعبان يعيشان على قطعة أرض واحدة، أحدهما له كل الحقوق، والثاني لا حقوق له على الإطلاق».
* * *
أسماء هؤلاء اليهود الشرفاء، وغيرهم، يجب أن تحفظها الذاكرة الفلسطينية. فالغد سيكون مشرقًا، ويومًا ما سيكون هؤلاء جميعًا على قائمة الشرف، ويستحقون الكثير من التكريم لعظيم مواقفهم الإنسانية العادلة.

وفي الوقت نفسه، يجب عليهم تذكر الصهاينة بيننا، وليس من الصعب معرفتهم، فهؤلاء لا يكتفون بالهجوم المكثف على ما قامت به «حماس» في 7 أكتوبر – وهذه وجهة نظرهم التي علينا احترامها – لكننا نجد أنهم لا يتعرضون إطلاقًا لأي من الأفعال الوحشية، التي قامت بها القيادة أو الجيش الإسرائيلي بارتكابها، في غزة وغيرها من المدن الفلسطينية، ولم يدينوها يوماً، فهل لأنهم من المستفيدين من الوضع؟


أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top