طاح الحطب؟ لا أعتقد!

«طاح الحطب» تعبير محلي يعني «انتهاء الخلاف» أو مسامحة طرف لطرف آخر أساء اليه!
***
إن الفساد المالي، وليس الفساد الذي في بال البعض، يرتبط ارتباطا وثيقا بتقدم أو تأخر أي دولة. ولم يعرف التاريخ حكومة نجحت في تحقيق الرخاء لشعبها، وإجراء اصلاحات جذرية في بنية الدولة، والتغلب على المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق شبه المستحيلات، إن كانت هي أو أي من بطانتها متورطة في قضايا فساد مالي، فهذا امر شبه مستحيل، وحسب علمي لا توجد حالة استثنائية واحدة، وبالتالي فإن أرفع الأمم شفافية في أعمالها هي الأكثر تقدما وسعادة وازدهارا.. وإنسانية.

فالفساد يقتل المشاعر ويفسد النفوس ويسمم الأجواء. ولو نظرنا لسيرة شخص مميز، لم ينكر يوما أنه عمل في أكثر المهن بساطة، الرئيس البرازيلي السابق، لولا دا سيلفا، لوجدنا أنه حكم لثماني سنوات، لم تعرف عنه خلالها حالة فساد مالي واحدة، على الرغم من الظروف الشديدة القسوة التي عاشها طوال حياته. فقد تسلم الحكم والبرازيل على شفير الإفلاس واستطاع خلال 8 سنوات أن يسدد ديونها ويحصل لها على فوائض تعادل فوائض الكويت، وبفضل جهوده ستصبح البرازيل القوة الاقتصادية الخامسة بالعالم قريبا. وقصته لا تختلف عن قصة المناضل نلسون مانديلا رئيس جنوب أفريقيا الأسبق، الذي جعل من بلاده أيضا قوة اقتصادية عالمية باستقامته. ونجد مثال الاستقامة والنزاهة يتكرر في دول بعد أخرى، وعندما نعود لوطننا نجد أن الفساد السياسي والمالي سيقتلنا حتما وسيقضي على كل ما تحقق من منجزات، على تواضعها. وكنت أنوي كتابة مقال يتعلق بفكرة أن «نطيح الحطب» مع الحكومة، ونفتح صفحة جديدة، إلا أنني استمعت لتسجيل مكالمة هاتفية منسوبة إلى النائب والوزير السابق شعيب المويزري مع الزميل محمد الوشيحي بتاريخ 12/10 قال فيها: إن تكلفة إنشاء الكيلومتر الواحد من طريق الجهراء بلغت 24 مليون دينار، ومبلغ قريب من ذلك لكل كيلومتر من طريق عبدالناصر وجسر جابر! وان توسعة المطار ستبلغ 3 مليارات دينار!! وأن كلفة إنشاء جامعة الشدادية كانت 350 مليون دينار، وانها ستصل الى ملياري دينار!!! وأن مستشفى جابر ارتفعت تكلفة إنشائه من 140مليونا إلى 330 مليون دينار!!! وسيحتاج الى سنوات أربع، فوق السبع سنوات، للانتهاء منه، إضافة لــ200 مليون دينار أجهزة ومعدات! وأن الحكومة وقعت عقود استشارات، في غياب المجلس، بثلاثة مليارات دينار، منها واحد بــ524 مليون دينار، لدراسة مشروع الوقود البيئي، هذا غير عقد شركة «شل» الذي بلغ 900 مليون دينار، إضافة لعقد استشارات أمنية مع الحكومة البريطانية بمليار دينار!!! وقال ان مؤسسة التأمينات خسرت 3 مليارات دينار خلال 5 سنوات، ولم يحاسبها أحد! كما أن هناك 450 مليار دولار مستثمرة في أرصدة في الخارج، لا يعرف أحد عنها شيئا ولا كيف تدار وكم تخسر وكم تربح، وأن المسيطرين أكبر من السلطة!!وأنه، عندما كان نائبا ووزيرا، لم يعرف يوما شيئا عن هذه الأموال.. إلخ، ذلك - ان ثبتت صحته - فهو كلام خطر ربما يعرفه الكثيرون، ولكن لا أحد يود التصدي له والرد عليه إما بالتبرير أو الشرح واما بالنفي، فقائله ليس شخصا من الطريق أو محترف تهريج، بل نائب ووزير سابق، وكان قريبا من مراكز اتخاذ القرار، ومحاسبته، إن كان مخطئا أو مبالغا، على حديثه المسجل في قناة محلية مرخصة، أمر أكثر من ضروري. فهل تتحرك جهة ما لتفيدنا؟

الارشيف

Back to Top