إنسانية الفلسطيني.. ووقاحة العربي الصهيوني

أظهر استطلاع رأي جديد أجرته جامعة ولاية بنسلفانيا بين اليهود الإسرائيليين، تأييدًا ساحقًا بلغت نسبته 82% لطرد الفلسطينيين قسرًا من قطاع غزة، وتأييدًا واسعًا (56%) لترحيل الفلسطينيين داخل إسرائيل. كما أيّد نحو نصفهم (47%) قتل جميع سكان غزة في المدن التي استولى عليها الجيش الإسرائيلي.

صورت الصهيونية، ولأكثر من مئة عام، الشعب الفلسطيني بأكمله بأنهم أقل من البشر ويستحقون الموت، ووصفتهم جميعًا بالإرهابيين الذين يستحقون الإبادة التامة. ونجح الإعلام الصهيوني، مدعومًا بوسائل الإعلام الغربية، على مدى أكثر من سبعين عامًا، في ترسيخ فكرة أن فلسطين هي «أرض الميعاد» التي وعد الرب بها «بني إسرائيل»، مما أعطى الحق ليهود من شتى بقاع العالم في القضاء التام على كل من يقف أمام تحقيق هذا الوعد.

وفي استطلاع آخر، وُجه سؤال لمجموعة من طلبة الجامعة حول مدى تأييدهم لتصرف الجيش الإسرائيلي عند فتح مدينة عدوة، على غرار ما قام به الإسرائيليون بقيادة «جوشوا» في «جيريكو» وفق الرواية التوراتية، حيث قتل جميع سكانها؛ فأيّد نصفهم تكرار الفعل مع سكان غزة، وأعلن 82% منهم تأييدهم لطرد السكان بالقوة لأي مكان آخر في العالم، وطالب 56% منهم بالتعامل مع فلسطينيي الضفة بنفس الطريقة.

في آخر تصريحاته ضد أهالي غزة، توعد وزير المالية الإسرائيلي «سموتريتش» بتدمير غزة بالكامل، واعتبر وقف إطلاق النار «جنونًا محضًا» لأنه يمنح حماس فرصة للتعافي. وطالب بمواصلة إحكام الخناق على الجميع، وفرض أقصى درجات الضغط العسكري والاقتصادي حتى الاستسلام الكامل، وشدد على أن إسرائيل لن تنسحب من المناطق التي سيطرت عليها في القطاع، ودعا إلى إخلاء جميع سكان غزة إلى الجنوب من محور موراج العسكري، ومن هناك سيغادرون بأعداد كبيرة إلى دول ثالثة. كما صرّح بأن من «العدل والأخلاق تجويع مليوني مواطن من سكان غزة حتى تتم إعادة الرهائن»، معترفًا بأن العالم لن يسمح بذلك، لكنه اعتبره خيارًا مشروعًا، وتوعد بتكرار تجربة التهجير لاحقًا في الضفة الغربية.

كما قررت الحكومة الإسرائيلية، مؤخرًا، بناء 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية، ليرتفع العدد الإجمالي إلى 200 مستوطنة يعيش فيها حاليًا 700 ألف إسرائيلي، وسيرتفع العدد لقرابة المليون قريبا، والهدف من بنائها هو القضاء التام على أي أمل بقيام دولة فلسطينية.

في ظل هذا الواقع، لا أفهم حجة الصهاينة العرب الذين يطالبون الفلسطيني بإلقاء سلاحه وهجر كفاحه وعقد السلام مع إسرائيل، غير مدركين، أو غالبًا «مدركين ومستفيدين» بأن هذا السلام يعني الاستسلام التام والتحول إلى ضحية يسهل القضاء التام عليها.

لا أمثل الفلسطينيين، ولست من دعاة الحروب، ولم أكن يومًا من مناصري سفك الدماء، لكن لو كنت مكانهم لاخترت الاستمرار في الكفاح، السلمي والعسكري، فهناك أمل كبير في أن تتحقق يوما آمالي بوطن حر مستقل. أما الاستسلام، وفق شروط المنتصر، فلا يعني إلا الفناء، فلن تقبل إسرائيل يوما بوجودي!


أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top