الحلّ في كل هذا العنف!

لا شك أن كل كلام او ادعاء عن تسامح المسلمين مع اليهود والمسيحيين - دع عنك البوذيين والهندوس وغيرهم - غير صحيح. فالحقيقة غير ذلك تماما، الآن وعبر التاريخ. وما ورد في أمهات الكتب أكبر دليل، هذا إن كنا بحاجة أصلا الى دليل، وربما تكون الجريمة التي وقعت في كنيسة سيدة النجاة، وما سبقتها من جرائم في دول إسلامية عدة، التي ارتكبت بحق أبرياء، ذنبهم الوحيد أنهم مسيحيون مثال صارخ على ذلك. وفي هذا الصدد كتب الزميل المميز عبدالخالق حسين، قائلا: طالما تشدق كثيرون من الكتّاب المسلمين بأن المسيحيين واليهود وغيرهم من الأقليات الدينية عاشوا في العالم الإسلامي بسلام. ولو تحرينا في تفاصيل التاريخ العربي ـــ الإسلامي، لوجدنا أن العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين في العالم الإسلامي لم تكن حميمة أبداً، كما يدعي البعض، بل كانت في معظمها مأساوية منذ تأسيس الدولة الإسلامية الراشدية وما بعدها، لا يجتمع في جزيرة العرب دينان، والتاريخ ملوث بالعار والشنار باضطهاد غير المسلمين!
فمشكلة معاملة المسيحيين أو غير المسلمين بشكل عام برزت في السنوات الأخيرة مع انتشار وسائل الإعلام وتركيزها على الجرائم العنصرية والدينية رغبة في كسب المشاهد، إضافة إلى ما اصبح متوافرا في السوق السوداء من متفجرات ومعلومات خطرة على الإنترنت في كيفية صنعها وتهريبها. وقد تسببت المجازر التي ارتكبت في مختلف الدول العربية والإسلامية إلى هجرة مئات الملايين للغرب، وبينهم أصحاب خبرات نادرة.
ومن المعروف أنه بعد انقلاب 1958 في العراق تعرض اليهود لاعتداءات عدة، الأمر الذي اضطرهم الى الهجرة لإسرائيل، كما يقال ان بعض دول الجوار تسعى لتفريغ العراق من المسيحيين والصابئة أيضا! ووفق تقرير حديث للـ«بي بي سي» فإن عدد المسيحيين في العراق أصبح بحدود 87 ألفا من اصل أكثر من مليون وربع المليون!
وقال الزميل عبدالخالق ان الإرهابيين يعتمدون على نصوص وما نقل لهم من أئمتهم في التحريض ضد غير المسلمين، وان ابن تيمية، أحد أئمة «الوهابية»، قال: «من لم يبغض النصارى والكفار فليس مسلماً»، وقال أيضاً في مجموع الفتاوى (22 ــ 162): «ليست الكنائس بيوت الله، وإنّما بيوت الله المساجد، بل هي - الكنائس - بيوت يُكفر فيها بالله، وإن كان قد يذكر فيها، فالبيوت بمنزلة أهلها وأهلها كُفّار، فهي بيوت عبادة الكفّار»، وان هذه الأعمال الإرهابية لا يمكن أن تتوقف، ما لم يتم تجفيف منابع التطرف ومصادر تمويله!
وتساءل الكاتب: ما العمل؟ واقترح جملة من الإجراءات كقيام السلطات بتوفير الحماية لأماكن العبادة للمسيحيين، وقيام رجال الدين المسلمين من جميع المذاهب بإدانة هذه العمليات الإرهابية علناً، وإصدار الفتاوى بتكفير القائمين بها، وإبراز النصوص الدينية التي تدعو إلى روح التسامح والتعايش السلمي بين الأديان، والتأكيد على أن هذا الإرهاب دولي، ومتفشٍّ في جميع أنحاء العالم، وليس في العراق وحده، وليس بإمكان أي دولة وحدها دحره، ولا بد من تضافر الجهود لمواجهته، واخيرا تنقية المناهج الدراسية في جميع المراحل، وفي جميع البلدان الإسلامية، وبالأخص السعودية ودول الخليج، من النصوص الدينية التي تدعو إلى التطرف الديني والكراهية ضد أتباع الديانات الأخرى، مع التركيز على نشر روح التسامح والتعايش مع الآخر المختلف، وإدخال مواد دراسية تساعد على القضاء على التعصب الديني، مثل مبادئ علم الاجتماع، والفلسفة، وتاريخ الأديان المقارن.

الارشيف

Back to Top