الإباحية المقدسة

نشر وليم كراولي william crawley في موقعه الإلكتروني تعليقا على فيلم وثائقي سبق أن قامت الـ «بي بي سي» بإنتاجه تعلق بالأرباح التي تجنيها كثير من الشركات من تجارة وصناعة المواد الإباحية، إن بصورة مباشرة أو غير ذلك. وتضمن الفيلم الوثائقي مقابلة مع thomas strobhar، وهو منظم حملات وكاثوليكي محافظ، سبق أن أخذ على عاتقه كشف الاستثمارات التي كانت تقوم بها المؤسسة الاستثمارية التي تدير أموال الكنائس الكاثوليكية، ومنها مؤسسة «الإخوان المسيحيين» المالية، وهي واحدة من أكبر المؤسسات التي تتعامل معها الكنائس الكاثوليكية في أميركا (وهي هنا تشبه «الأذرع» الاستثمارية العديدة لحركة الإخوان المسلمين في بلداننا)! حيث ذكر أن «الإخوان المسيحيين» يقومون باستثمار مليارات الدولارات لمئات الجهات الكنسية والمعاهد الدينية والهيئات التعليمية الدينية ومنظمات التأمين الصحية الدينية وغيرها، وأنها قامت في السنوات الأخيرة، بتغيير استراتيجياتها، بعد أن أقر أساقفة الكنائس الكاثوليكية الأميركية في عام 2003 تعديلات جوهرية تتعلق بأخلاقيات سياساتها الاستثمارية وسبل وطرق استثمار اموال الكنائس، حيث سمحت لمؤسسات مثل «الإخوان المسيحيين» وغيرها باستثمار الملايين في شركات تحقق أرباحا مجزية من تجارة المواد الجنسية، شريطة أن تكون الأرباح الناتجة عنها غير كبيرة مقارنة ببقية الإيرادات!
ويقصد ب‍‍‍ـ «الأنشطة الإباحية» شركات إنتاج الأفلام الجنسية والمنشورات الفاضحة والمطبوعات الإباحية وبرامج الكمبيوتر الجنسية وخدمات الهاتف والإنترنت الجنسية.
وبالرغم من هذا التساهل الذي تبديه الكنائس الكاثوليكية مع الشركات في ما يتعلق باستثماراتها، فانها لا تبدي المرونة نفسها في أمور جنسية أخرى، مثل اسهم شركات انتاج وترويج مواد تخالف تعليمات الكنيسة كصناعات الكوندوم، أو الواقي الذكري، والعيادات، والمنتجات المتعلقة بخدمات الاجهاض، أو مختبرات تجارب استخدام النخاع الشوكي!
وقال متحدث باسم «الإخوان المسيحيين» في البرنامج الوثائقي انهم يهدفون للتأثير في الاتجاهات الأخلاقية للشركات التي يقومون بالاستثمار فيها، وأن سياساتهم الاستثمارية منسجمة مع منطق العصر الذي نعيش فيه، وأن أية جهة مسيحية لا تتفق معها في استثماراتها وتشكك في أخلاقية ما تقوم به، يجب عليها بالتالي عدم استخدام الإنترنت، وتجنب السكن في اي من فنادق العالم، والتوقف عن مشاهدة التلفزيون!
وهكذا نرى بوضوح تام أن المسألة، لدى الجهات الدينية او غيرها، تخضع للربح والخسارة! وفي هذا السياق أتذكر أننا في اوائل الثمانينات كنا في أحد المصارف نتنافس مع مؤسسة مالية دينية على وديعة بعشرات الملايين تخص جهة علمية متخمة بالأموال النقدية. وكنا في وضع اقوى، حيث إن مدير أموال الجهة العلمية كان يصر على ان يعرف ما سيحصل عليه من عائد في نهاية سنة، وهذا ما لم يكن بإمكان الجهة المالية الدينية التعهد به، والتي كانت دائمة التشدق بانها تعمل بنظام المرابحة، وليست بالتالي في وارد التقيد بفوائد محددة مسبقا. وعندما أصر المدير على موقفه، وتبين للجهة «الإسلامية» أن الوديعة الكبيرة ستطير منها، قامت بالايعاز لـ «الهيئة الشرعية» لإيجاد مخرج، وكان لها ما أرادت، وفازت بالوديعة!
وقديما قيل: كرمال ملايين الدنانير تكرم ملايين النصوص!

الارشيف

Back to Top