الخروج من نادي النفرين

للمرة الأولى منذ عقود لا يستطيع غالبية المراقبين والمحللين السياسيين التبصر أو توقع نتائج قريبة من الواقع لمخرجات الانتخابات النيابية المقبلة، والسبب يعود إلى مستجدات عدة لم تعرفها الساحة من قبل، أو بالأحرى لم تطبق الحكومات السابقة القوانين المتعلقة بمخالفات الانتخابات بصورة جادة وحازمة.
من هذه المستجدات:

أولا: القرار الحكومي المفاجئ بالتصويت بالبطاقة المدنية، حيث منعت المفاجأة، وقصر المدة بعض النواب من نقل أصوات مؤيديهم من دائرة لأخرى. ولكن من المتوقع حدوث مثل هذا النقل في الانتخابات المقبلة ما لم تتحوط الحكومة للأمر مسبقاً وتصدر تعليمات مشددة لهيئة المعلومات المدنية بعدم قبول نقل عنوان سكن أي مواطن، إلا بعد التحقق جيداً من صحة طلب الانتقال ومشروعيته، وهذا ليس بالأمر الصعب.

ثانياً: ساهم قرار الحكومة المتعلق بمنع الانتخابات الفرعية واستخدامها الحزم واليقظة في القبض على مقترفي هذه الجريمة السياسية، في خلط أوراق المراقبين، وجعل الصورة أكثر ضبابية أمامهم.

وكان لافتاً للنظر ما «تبجح» به أحد المرشحين الحيتان من أن لديه «بلوك»، أو عدداً كبيراً من الأسماء التي ينتقل بها من دائرة لأخرى، وهي التي لها الفضل في نجاحه!! وعلى الرغم من عدم مشروعية التصريح فإنه لا جهة حكومية معنية بالأمر تحركت لمحاسبته على مخالفته الجسيمة، والاعتراف سيد الأدلة!

ثالثاً: كما كان لقرار إضافة مناطق سكنية جديدة إلى دوائر انتخابية حالية دور في زيادة غموض النتائج.

رابعاً: سيؤثر دخول مرشحين بارزين، كالرئيس الأسبق أحمد السعدون، وعزوف الرئيس السابق مرزوق الغانم عن الترشيح، في زيادة حيرة المراقبين، فدخول السعدون وخروج الغانم أمران لم يكونا متوقعين قبل شهر فقط.

خامساً: يقظة قوى الأمن بسبب قرار الحكومة المتعلق بمنع شراء الأصوات، وإحالة مرشحين أقوياء إلى التحقيق وحتى السجن، كانت أيضاً لها دور في الحدِّ من نجاح البعض بالمال، ومن دقة التوقعات.

سادساً: كما ساهم قرار الحكومة في منع المسؤولين في المصالح الحكومية الخدمية من استقبال المرشحين؛ لتيسير معاملات ناخبيهم، في الحد من حظوظ البعض بالفوز، كما ساهم أخيراً صدور وثيقة الغم والهم و«القيم»، التي وقَّع عليها 48 مرشحاً، في زيادة بلبلة الوضع.

وبالتالي أشعر بأننا سنكون أمام مرحلة حاسمة يوم الخميس المقبل، 29 سبتمبر، وستتجه شريحة مهمة من أبناء الوطن إلى الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات النيابية المهمة والمفصلية المقبلة، فإما إصلاحاً يجسده نواب أمة مميزون، وإما استمرار لنهج التأزيم والتخلف والغلو والصراع على المناصب والثروات، مع ما سيتبع ذلك من غياب تام لصوت الحرية والتقدم والتنمية!

وعليه إما أن ننضم إلى ركب بقية دول العالم، وإما أن نتجه، أو بالأحرى نستمر في عضوية «نادي الدولتَينِ أو الثلاث»، المنفردة والمنفرة للآخرين!

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top