يا نساء الكويت

بيّنت الإحصاءات الأخيرة تفوّق أعداد النساء على الرجال في الكويت، وزيادة مشاركتهن في مختلف الانتخابات، علماً بأن نسبة كبيرة من أصواتهن لا تزال بأمر الرجل، الزوج أو الأب أو الأخ، ويقل تأثير هؤلاء مع تقدم وعي المرأة، نتيجة التعليم والوظيفة ومكانتها ووضعها المادي والأسري!
هذا التزايد في أعداد النساء، وسهولة التحكّم في بعضهن، دفعا الأحزاب الدينية إلى الاهتمام بصوتهن الانتخابي، والعمل في الوقت نفسه على إبعادهن عن الميدان السياسي والوعي بمجرياته، والإصرار على كونهن رقماً فقط، علماً بأن هذه الأحزاب نفسها كانت لعقود المعيق الأكبر أمام حصول المرأة على حقوقها السياسية، ولن يتردد هؤلاء في سلبها هذه الحقوق متى ما تسنى لهم ذلك، لشديد إيمانهم بأن مكان المرأة هو وراء صندوق «المبيّت» وليس الصندوق الانتخابي. فالطمع في صوتها كان وراء تغيّر موقفهم 180 درجة من منحها حقوقها السياسية، وليس لأنها تستحق ذلك، ولكن نسبة من نسائنا لا يعرفن ذلك أو يفضلن «غض النظر عنه»، ولا حتى محاولة إدراك كم الجهد الذي بذلته هذه القوى الدينية، على مدى ستين عاماً، وكمْ صرفت ومارست من ضغوط وكم دخلت من معارك وخصومات وصفقات قذرة بغية الحيلولة دون حصول المرأة على حقوقها السياسية، ليتحول موقفهم منها، بعد فشل كل جهودهم لمنع حصولها على حقوقها السياسية، إلى أكبر المؤيدين لها، تزلفاً لصوتها، ويصبح الحرام حلالاً، وهذه قمة الانتهازية والوصولية التي اشتهر بها الإخوان، ومع هذا لا يستحون من وصف معارضيهم بـ«الساقطين أخلاقياً»، وهم والسقوط الأخلاقي توأمان منغوليان!

كما يتناسى المنتمون إلى هذه الأحزاب الدينية، من رجال ونساء، أن المجتمع المدني الليبرالي، الذي لا يمتلك المال ولا إطار العمل القانوني، ولا التأييد الحكومي، ولا حتى من يمثلهم بحق نيابياً، هو الذي خاض معركة نيل المرأة حقوقها، مع علمهم بأنهم سيكونون الأكثر خسارة إن حصلت المرأة على حقوقها السياسية، ولكن إيمانهم بحقوق الإنسان، التي لا يعترف الطرف المتشدد بها، كان ولا يزال أقوى لديهم من الكسب السياسي الرخيص!

فيا نساء الكويت الفاضلات أوقفن هذه المهزلة، وهذا الاستغلال السيئ لأصواتكن، فهؤلاء لا يريدون لكنّ حتماً لا الكرامة ولا الحرية، بل يبتغون تحقيق الشهرة والثراء بأصواتكن، فلا تمكننهم من ذلك، فتاريخ قياداتهم وقضاياهم الخاصة خير دليل على نظرتهم الدونية للمرأة، فهم ليسوا ضد «البادل» كلعبة، ولا ضد اليوغا كرياضة، ولا ضد الاختلاط كعرف اجتماعي سائد في العالم أجمع، بل هم ضد حصولكن على الحرية والكرامة، فهم يعلمون جيداً أنه متى ما تحقق لكنّ ذلك فستكون بداية فقدان تأثيرهم عليكن، وخسارة أصواتكن الانتخابية!

ما نقوله ليس بدعة، ولا حالة خاصة بنا، بل حدث ما يماثله في كل دول العالم تقريباً، فقوى الردة والتخلف كانت وستبقى طويلاً ضد نيل المرأة كامل حقوقها كإنسانة لا تقل مكانة عن الرجل في شيء!

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top