ثوراتنا والمشاعر المختلطة

قيل في تفسير «المشاعر المختلطة» إنها تشبه شراء رجل سيارة جديدة، وطلبت «حماته» تجربتها، وبعد دقائق تتصل الشرطة لتعلمه بوقوع حادث لحماته في سيارته، وهنا تنتابه مشاعر مختلطة، فهو من جهة يتمنى الشر لحماته، ولكنه يتمنى في الوقت نفسه ألا تصاب مركبته بخدش!
***
تساءل الزميل خليل علي حيدر في مقال له عن قدرة «الضمير الشيعي» على تحمل ما يحصل في سوريا من مذابح، وسكوته عن محاصرة المدن وضرب بيوت الناس بالدبابات والصواريخ، وقتل سكانها من دون تمييز، وهو هنا يشير لأقوال وتصريحات عدد من النواب في مجلس الأمة، وهو تساؤل مشروع يقابله تساؤل مشروع آخر يتعلق بسكوت «الضمير السني»، أو بالذات المتشدد دينيا، عما يحدث في البحرين، حيث لاتزال الأغلبية فيها تعاني الأمرين من نظام حكم يشكو من الفساد والانحياز، وسوء معاملة مواطنيه! وبالرغم من منطقية التساؤلين، فإن من الصعب ألا تنتاب الإنسان المحايد، الذي يحاول أن يكون أكثر إنصافا، مشاعر مختلطة. فمن جهة لا يقبل عاقل بقاء حكم دكتاتوري فاسد لأكثر من اربعين عاما في السلطة من دون تغيير، ولكن من جانب آخر لا يمكن قبول استبدال حكم دكتاتوري حزبي بآخر دكتاتوري ديني، قد يكون اكثر تسلطا واصعب إزالة مستقبلا! فصناديق الانتخاب في مصر مثلا هي التي أوصلت كل هذه النسبة الكبيرة من الأميين سياسيا وإنسانيا الى قاعة البرلمان، ويمكن أن تعيدهم للقاعة نفسها، المرة تلو الأخرى، قبل ان يكتشف المواطن المصري «الغلبان» مدى ما اقترفه من خطيئة في حق وطنه!
ولو نظرنا الى البحرين، فإننا نجد أن المتشددين لدينا ولدى أكثرية الدول العربية، ومعهم قطاع كبير آخر، على علم تام بما تعانيه الأغلبية فيها، وهم ربما يشعرون بضرورة الوقوف معهم، لكنهم يخشون من أن يعود عليهم موقفهم هذا بالوباء مستقبلا! فالجانب المستفيد من اي تنازل لن يتوقف عن المطالبة بالمزيد، وهنا مكمن خوف الجانب الآخر الذي يعتقد بأن من الأفضل له رفض اي مطالب، وعدم الرضوخ لها منذ البداية، لكي لا تكر السبحة!
وحيث ان أحداث سوريا أكثر مأساوية ووصلت الأوضاع فيها لما يشبه الكارثة، فإن تمني أي أمر سيكون خارج المنطق، ولن يجد أذنا صاغية حتما، وبالتالي نتجه صوب البحرين، ونضم صوتنا لأصوات آلاف الأحرار، ونطالب السلطات البحرينية، وعلى رأسها ملك البحرين، بإطلاق سراح المعتقلين في سجون المملكة، ومنهم المناضل وداعية حقوق الإنسان عبدالله الخواجة الذي يقضي عقوبة سجن غير محددة.

الارشيف

Back to Top