الكبيس والكبيسة

الكبيس، بلغة أهل الشام يعني المخلل أو الطرشي، وهي باختصار كلمة تعني تنقيع بعض أنواع الخضار في ماء وملح، أو خل. ولا اعرف ما علاقة الكلمة بالسنة الكبيسة، والتي تأتي مرة كل اربعة أعوام، وربما لأن الكبيس والكبيسة بحاجة الى الانتظار، وربما أتت الكلمة من عملية الكبس أو الضغط، التي يحتاجها المخلل ليتخلل!
شهر فبراير الماضي وقع في سنة كبيسة، وعدد ايامه 29 يوما، وليس 28 يوما كحال فبراير السنوات الثلاث الماضية والمقبلة. وسبب ذلك يعود إلى خلل حسابي تشكو منه كل التقاويم الشمسية، كالإيراني والجريجوري، المعتمد في كل دول العالم، عدا السعودية. ففي التقويم الجريجوري، وسمي نسبة لأحد باباوات روما، يضاف يوم كامل لشهر فبراير كل أربع سنوات من أجل التغطية على فوضى النظام، فدورة الأرض الكاملة حول الشمس تبلغ 24. 365 يوما، وليس 365 يوما، ولأن الفرق يقل عن يوم كامل، فإنه يجمع كل أربع سنوات ليضاف لشهر فبراير مرة كل 4 سنوات، واعتمد هذا الحل عندما تولى يوليوس قيصر حكم روما، حيث كان الناس يتبعون تقويما عدد ايامه 355 يوما، مع إضافة شهر جديد كل سنتين تبلغ أيامه 22 يوما! وعندما تسبب هذا الترتيب في مشاكل عدة تتعلق بالمواسم الزراعية والأعياد، كما هو حاصل الآن في التقويم القمري، طلب يوليوس من كبير فلكييه تبسيط الأمور، فثبت هؤلاء السنة على أساس 365 يوما مع يوم كامل، هو حاصل تجميع الساعات الضائعة كل أربعة أعوام، يضاف لشهر فبراير. وكان فبراير في الأساس يتكون من 30 يوما، وفي السنة الكبيسة يصبح 31 يوما، ولهذه القاعدة استثناءاتها، فمع أن الكبيسة تأتي كل أربع سنوات، إلا أن السنة التي تقسم على 100، بدون كسور، ولا تقبل القسمة على400 ليست كبيسة، وبالتالي سنة 2000 كانت كبيسة، وكذا 1600، ولكن سنتي 1700 و1900، وغيرهما، لم تكونا كبيسة، وسبب ذلك أن الطول الحقيقي للسنة الشمسية هو 365 يوما و5 ساعات و48 دقيقة و46 ثانية، ولذا عند وضع التقويم الجريجوري عام 1582، وجدوا أن من الضروري عدم احتساب ثلاثة أيام كل 400 عام.
والطريف أن جميع اشهر العام تتكون إما من 30 وإما من 31 يوما، فلماذا شذ فبراير عنها؟ سبب ذلك يعود للإمبراطور الروماني أغسطس، الذي لاحظ أن الشهر الذي سمي باسم سلفه، يوليوس قيصر، يحتوي على 31 يوما، بينما الشهر الذي اطلق عليه اسمه يتكون من 29 يوما، فقام بكل بساطة بأخذ يومين من شهر فبراير وأضافهما لشهر أغسطس! وهذا سبب وجود شهرين متتاليين بعدد الأيام نفسه.

الارشيف

Back to Top