يا مغرّد.. أين المفر؟

قرأت تغريدة تعلقت بحب كاتبها شراء الغالي من المواد، لاعتقاده أن كل غال جيد. تبين له بعد شراء فرشاة أسنان باهظة الثمن، أنها مصنوعة من شعر الخنزير!
توالت التعليقات المشمئزّة والمستنكرة على التغريدة، مبينة حجم الامتعاض و«لوعة الكبد» من استخدام فرشاة مصدر شعيراتها من خنزير أثيم!
***
ما لم يعرفه أصحاب «المشاعر الرقيقة» هؤلاء أنهم، بعلم أو بجهل يستخدمون مواد كثيرة يدخل في صناعتها شعر ولحم وشحم وعظم ودم الخنزير، وليس لهم ولنا حيلة أو مهرب من ذلك، حتى لو تقدمنا صناعياً، واكتفينا اقتصادياً.

المشكلة ليست في اضطرارنا لاستخدام هذه المنتجات، بل في حالة الإنكار التي يعيشها البعض، وخاصة الذين يعرفون حقيقة المواد «المحرمة» الكثيرة التي تدخل في إنتاج الأدوية ومواد التجميل مثلاً، ومع هذا ينكرون ذلك أو يتناسونه، عمداً!
***
في بحث علمي جاد قامت به الهولندية christien meindertsma، وسبق أن تطرقنا له، تعلق بما يحدث للخنزير بعد ذبحه، حيث اكتشفت أن لحمه وجلده وشعره ودمه وعظامه وكامل أعضائه الداخلية تدخل في صناعة وإنتاج «مئات» المواد، وهو الحيوان الوحيد الذي تتم الاستفادة منه بشكل كامل، حتى آخر نقطة دم، أو قطعة جلد أو عظم.

أصدرت الباحثة كتاباً تضمن صوراً وشروحاً في غاية الغرابة، وغير معروفة حتى لمربي الماشية والمتاجرين بمنتجات الخنزير، حيث ورد فيه مثلاً أن منتجات الخنزير تدخل في صنع القوالب الفولاذية، التي تستخدم في كبس وصناعة أوعية وحاويات الألمنيوم، التي تستخدم غالباً في حفظ الأطعمة. كما تدخل منتجات الخنزير تقريباً في كل ما نستخدمه في الحمام من صابون وشامبو وكوندشنر، وكريمات مقاومة التجاعيد، ولوشن ترطيب الجلد، ومعاجين الأسنان، التي نتمضمض بها يومياً، ودهان الأظافر وبقية مواد التجميل.

كما تستخدم منتجات الخنزير في كل أنواع الحلويات، وبالذات «الشيز كيك»، والشوكولاتة والتريماسو.

كما يخلط مستخلص بروتينات الخنزير في عجينة أنواع كثيرة من الخبز، ويدخل في صناعة الزبدة، وبالذات القليلة الدسم. كما لمواده علاقة وثيقة بصناعة طابوق البناء الخفيف، وفي صناعات الخزف الصيني، وفي إنتاج أفضل أنواع الدهانات الصناعية وفراشي الدهان، وفراشي الأسنان طبعاً، وغيرها من استخدامات. كما يدخل في صناعة الصمغ والبيرة وحتى النبيذ.

كما تدخل منتجات الخنزير في إنتاج الهيموغلوبين، المستخلص من دم الخنزير في صناعة فلاتر السجائر. والطريف أن المادة الأساسية في تركيبة الكولاجين، المستخدم في كل عمليات التجميل، النسائية وحتى الرجالية، في شرقنا المتدين، يتم استخلاصها من منتجات الخنزير، لأن الجسم البشري يتقبلها بسهولة. كما تستخدم مواد «مخنزرة» في عمليات جراحة القلب.

وتبين كذلك أن مصانع الأسلحة تستخدم منتجات الخنزير في صناعة طلقات الرصاص، كما تدخل بقاياه في إنتاج الطاقة المتجددة، وفي عشرات الاستخدامات الأخرى، وخاصة الأدوية والأطعمة.

فأين المفر يا مغردين؟

وهل سينخفض، يا ترى، من اليوم استخدام «النساء والرجال»، من أصحاب المشاعر الرقيقة، للكولاجين... مثلاً، دع عنك العمليات الجراحية؟

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top