أوامر الضبط والإحضار

عندما فكر وزير التجارة السابق «خالد الروضان» في تقديم مشروع قانون الإفلاس الجديد لمجلس الأمة، كنت من أوائل مؤيديه وكتبت أكثر من مقال مؤيداً موقفه، ولا أزال، بشكل عام، على رأيي السابق.
فالقانون لا يحمي الشركات الصغيرة والمتوسطة فحسب، بل يسدي خدمة مجتمعية كبيرة، ويطور المنظومة المالية والقانونية للدولة، ويجعلها مسايرة لقوانين الدول المتقدمة.

وجاء القانون في الوقت المناسب، وسط توقعات بفشل وخسارة جزء كبير من المشاريع الصغيرة والمتوسطة نتيجة آثار كورونا، وتنامي الحاجة لقانون عصري يحمي أصحاب هذه الشركات من الضبط والاحضار، والسجن تالياً، بدلاً من مساعدتهم في انتشال أنفسهم من الضائقة، والعودة لسابق نشاطهم، من خلال إعطاء المعسر/ المفلس المزيد من الحماية ليمارس أعماله من جديد، وهذا ما يسمى عالميا بقوانين «الحماية من الدائنين» أو chapter 11.

وحقق القانون، باختصار، الفوائد التالية:

استحداث محكمة خاصة بالإفلاس.

• سد الثغرات في القانون القديم خصوصاً في التدليس وتهريب الأصول وإخفائها.

• معالجات خاصة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة.

• عقوبات مغلظة تصل إلى سجن المدلس 5 سنوات وغرامات مالية كبيرة نسبياً.

• المفلس حسن النية يمكنه الترشح للانتخابات والتوظف.

• سرعة إتمام عمليات إعادة الهيكلة واختصارها واستحداث نظام خاص بها.

• حصر مهمة الإشراف على الإفلاس في مراقبي الحسابات المسجلين لدى هيئة أسواق المال.

• إمكان الحصول على تمويل جديد أو قرض للمفلس خلال فترة إجراءات التسوية.

• السماح للمتعثر بفتح مشروع جديد شريطة ألا يضر الدائنين.
***
بعد عشرة أشهر تقريباً من صدور القانون، وقبل أيام من نفاذ العمل به، تفتحت أبواب الجحيم عليه من عدة أطراف، كان أولها المحامي المميز «عماد السيف» الذي حذر في تغريدة مبكرة من الإلغاء الكامل لنظام الضبط والإحضار، وطالب بتعديله، محذراً من أن ارتدادات تطبيقه بصورته الحالية ستكون قاسية، علماً بأن محامين متمرسين وجهات محاسبية ومدققين وأكاديميين حقوقيين أشادوا بالقانون الجديد في حينه، دون الانتباه لما انتبه له الأستاذ السيف، مبكراً نوعاً ما.

وفي هذا الصدد، طالب المستشار الفاضل «أحمد العجيل» الحكومة، بالتعجيل في إعداد مشروع قانون لتعديل قانون الإفلاس، يلغي إلغاءه لمواد أوامر الضبط والإحضار في قانون المرافعات، أو يحدد حالاتها لتتقدم به للمجلس لإقراره بصفة الاستعجال في دور الانعقاد القادم!
***
تبين لي من خلال اتصالات عدة ومما ورد في مقالات وتصريحات ورسائل على وسائل التواصل، أن هناك شبه اتفاق على موقف المحامي السيف من القانون، ومع رأي المستشار العجيل، رئيس مجلس القضاء الأعلى، من حيث الاستمرار في الضبط والاحضار، أي إعادة الأمر لما كان عليه في القانون القديم، خاصة للقضايا التي سبق أن صدرت بها أحكام أو ستصدر بها أحكام مستقبلاً، لمصلحة أرامل ومطلقات وأيتام وجهات حكومية، والعديد من الاشخاص البسطاء الذين تعرضوا للنصب والاحتيال، وضاعت حقوقهم، وفي غيرها من الحالات التي لا يكون لأحد أطرافها علاقة بالتجارة.
***
ملاحظة: لصاحب المبدأ والعقيدة (!!)

انا لم احاورك يوما، بل سعيت دائما لتعريتك، فأنت لست نداً لي، وأنت في داخلك تعرف ذلك.

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top