العودة لمقال الجرائم وجنسية النصر الله

لقي مقال يوم الخميس الماضي المتعلق بالانتهاكات والتعديلات الجائرة التي لحقت بقانون الجنسية الكويتية ردود أفعال شديدة التباين، بين مؤيد بقوة وآخر معترض بقوة أكبر، وهذا أمر طبيعي في مسألة بأهمية هوية وطن وهوية مواطنين، فكل كلمة في هذا الموضوع يمكن أن تفسر بطريقة مختلفة عما أرادها الكاتب.
من المهم أولا استدراك بعض الأخطاء التي وردت في المقال.

فاختيار سنة 1920 كسنة أساس لاكتساب الجنسية الكويتية بصفة أصلية تم غالبا بناء على اقتراح من المرحوم حمد يوسف العيسى. كما أن السنة التي وقع فيها التلاعب الشهير في ملف الجنسية في عهد المرحوم الشيخ جابر العلي، كان عام 1966 وليس 1980، عندما كان وزيرا للداخلية بالإنابة لفترة قصيرة!

ويقال إن عدد من قام الشيخ جابر العلي بمنحهم الجنسية «بالتأسيس»، ومن قبيلة محددة، كان بالمئات وليس بالآلاف، ولا يبدو أن هناك اتفاقا على الرقم الحقيقي.
***
لم اعترض يوما على اكتساب «أبناء المتجنس»، وتحت أية مادة أو «ذريعة» تم تجنيسه أو منحه الجنسية الأصلية أو «بالتأسيس» طالما أن الأبناء صغار، أو ولدوا بعد حصول والدهم على الجنسية الكويتية.

اعتراضي الأساسي تركز على اكتساب أبناء «المتجنس» للجنسية الكويتية بصفة «أصلية» متى ما كانوا بالغين، وسبق أن ولدوا وعاشوا في وطنهم الأصلي حتى سن البلوغ، كونوا خلالها الولاء لذلك الوطن، ثم قدموا مع والدهم للكويت وحصلوا معه على جنسيتها، وبالتالي وجب عليهم، حسب نص قانون 1960، الذي تم التلاعب به وتعديله، الانتظار لثلاثين عاما من تاريخ التجنيس ليكتسبوا صفة «التأسيس» ويكون لهم حق المشاركة في العملية السياسية وتولي المناصب العليا.

أما أن يصبح أبناء المتجنس كويتيين بالتأسيس، حسب نص القانون رقم 44/1994، ولهم حقوق مساوية لغيرهم من المؤسسين، دون انتظار تبلور ولائهم لوطنهم الجديد، بمرور فترة الثلاثين عاما، فأمر لا يمكن القبول به، خاصة بعد أن رأينا سوء نتائجه على مجمل الوضع في البلاد.

أما القول إن دولا غربية عدة، ومنها أميركا وصل فيها عرب ومسلمون وأفارقة مهاجرون لعضوية الكونغرس، فلِمَ لا نكون مثلها، فقول غير عادل. فأعداد المهاجرين الذين أصبحوا أعضاء في الكونغرس قليل جدا، ضمن محيط سكاني هائل، وقوانين تمنع استغلالهم لأوضاعهم طبقا لانتماءاتهم الطائفية أو القبلية، وهذا خلاف ما حصل ويحصل لدينا من أولئك الذين حصلوا على الجنسية بصورة غير قانونية، ونجحوا في العبث بهوية الوطن، وهم غالبا لا ولاء لهم..

لا أؤمن، كالكثيرين غيري، بتقسيمات الجنسية، كفئة أولى وثانية، ولكني لا أؤمن في الوقت نفسه بأن كل من حصل على الجنسية هو مخلص لهذا الوطن بالضرورة أو أن ولاءه غير مشكوك فيه.

صغر حجم الدولة، من الناحية السكانية والجغرافية، وفساد «إدارتها الحكومية» تجعلني أتحفظ كثيرا في موضوع تلقائية دخول المجال السياسي والتشريعي لأي كان بمجرد اكتسابه للجنسية، ولا أزال أؤمن بأن ما طالب به الآباء المؤسسون بضرورة مرور فترة كافية على اكتساب الجنسية بغية تجذر الولاء لدى هؤلاء مسألة في غاية الأهمية.

كما ولا أزال على رأيي بضرورة منح الجنسية للكفاءات، وأصحاب الخدمات الجليلة، ضمن شروط واضحة وصارمة.
***
في محاولة للتغلب على مشكلة تراكم المقالات لدي، فقد تقرر إضافة يوم الجمعة لنشرها، وقد يكون الإجراء مؤقتا.

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top