النوم مع العدو

تغلغل الإخوان في كل مؤسسات الدولة، واختاروا الدينية منها ثم قفزوا للتعليمية، وأسسوا تنظيمات سياسية ومؤسسات مالية، وسرعان ما بان الثراء على الكثير من المنتمين للإخوان. كما أصبح منهم وزراء ووكلاء ونواب ورؤساء هيئات، وهذا دفع الكثير من بعض منعدمي الذمة والضمير إلى الالتحاق بهم بغية قطف ثمار الانتساب لهم، بعد أن شرعت الحكومة ذراعيها لهم قبل مؤسساتها.
أوقع الغزو والاحتلال إخوان الكويت في شر أعمالهم بعد وقوف تنظيمهم العالمي مع صدام، معارضاً الاستعانة بقوات غربية لتحرير الكويت، وهم على علم بأن لا جهة غيرها قادرة على ذلك.

اعترف الإخوان بعد التحرير صراحة بجريمتهم وأعلنوا، من خلال مؤتمرات متلفزة، عن قطع كل صلاتهم بالإخوان في الخارج! وصدق البعض ذلك التصريح، وانطلت الحيلة على «ربعنا»!
***
نجح تكتيك الإخوان، وتناست ذاكرة البعض، الغنية بفارغ الأمور، جريمتهم وكشفوا دون حياء حقيقة أنهم لم يقطعوا يوماً صلتهم بإخوان الخارج. وهكذا تمكنوا من تجاوز خطيئتهم، والعودة لسابق قوتهم، برضا وقبول الحكومة الرشيدة، ربما لحاجتها إلى من يقف معها، وطبعاً لم يقف هؤلاء معها في كل المواجهات، بل طعنوها في الظهر عشرات المرات، ومنهم «المتفلسف» صاحب الجامعة الخاصة، ولكن البعض منا يرفض رؤية الحقيقة التي اكتشفتها كل دول الخليج ومصر قبلنا، وقريباً ستكتشفها تركيا، من أن هذه التنظيمات الدينية الحزبية لا تريد الخير إلا لكياناتها، ولا تهدف إلا للوصول إلى الحكم، عن طريق القوة والمال والكثير من المكر والدهاء.

وبالتالي كان غريباً وصادماً للكثيرين، بعد كل ما عرف عن مؤامرات الإخوان وخياناتهم، قيام القبس بنشر افتتاحية اختلف عنوانها الجميل عن مضمونها.

فقد طالبت القبس بوقف شيطنة العمل الخيري، وهذا أمر جميل، ولكن لا أتذكر حقيقة أن جهة ما قامت بالمطالبة «صراحة» بإلغاء كامل العمل الخيري في الكويت، من خلال شيطنته. كما أن هناك فرقاً كبيراً بين انتقاد ممارسات بعض الجمعيات الخيرية وبين شيطنتها.

ولو افترضنا أن ما ورد في الافتتاحية عن الشيطنة صحيح، وهو ليس كذلك، فهو لا ينطبق حتماً على ما تم تداوله مؤخراً من مطالبات بحل جمعية معينة، أو إغلاقها، وبالتالي كان غريباً تصدي القبس للدفاع باستماتة عن جمعية الإصلاح، وهي تعلم أكثر من غيرها بكم مخالفاتها حتى لقانون تأسيسها، هذا غير دورها غير المحمود في العمل السياسي المحلي، وموقفها المخجل من تحرير الدولة.

أكتب هذا الكلام، وأنا جزء من العمل الخيري، ولم أسمع طرفاً أو أجد جهة، مؤخراً على الأقل، طالبت بشيطنة العمل الخيري! وبالتالي كان ربط موضوع الشيطنة بالدفاع عن جمعية الإصلاح غير موفق من صحيفتنا العزيزة!

ولو افترضنا أن افتتاحية القبس نبعت من إيمانها بحق كل طرف في التعبير عن رأيه، فإن هذا الحق ليس مطلقاً. فستون مليوناً من البشر فقدوا أرواحهم في الحرب العالمية الثانية لأن جهة رأت أن من حق «الحزب النازي» إبداء آرائه بحرية، مع علمهم التام بشديد خطورة أفكار وخطط الحزب النازي على ألمانيا، والبشرية تالياً!

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top