طاح مرزوق.. طاح

كانت لدينا، ولا تزال، مقولة قديمة نصها:
طاح مرزوق.. طاح مرزوق! وطاح بالمحلية تعني «وقع على الأرض»، وتقال من قبل البعض، مجتمعين، لإرباك شخص اسمه مرزوق، وتوقعهم وقوعه على الأرض لا محاله، وغالباً ما كان مرزوق يقع، مع تكرار المقولة أمامه!

تلك قصة من التراث، أما حالياً، فقد خابت توقعات من أرادوا لمرزوق الغانم، رئيس مجلس الأمة، أن يطيح أو يقع، وذهبت أمانيهم أدراج الرياح، وأصر على الوقوف في وجه التطرف والبذاءة، ومع سلامة الوطن وأمنه.
***
ليس بيني وبين السيد مرزوق الغانم معرفة شخصية، بخلاف مكالمة هاتفية جرت قبل ستة او سبعة أشهر، لم تستغرق غير ثوان معدودة بمناسبة خاصة. ولا أعتقد أنني سألتقي به قريباً، فلست في عالم السياسة، ولا أميل إلى التواءاتها، ولكني ملزم في الوقت نفسه، ككاتب ومراقب من الخارج، أن أدلي بدلوي في هذا الشأن.

***
بالرغم من الصغر النسبي لعمر السيد مرزوق، مقارنة بأعمار من سبقوه في تولي منصب رئيس مجلس الأمة، الرجل الثاني في نظامنا السياسي، فإنه أثبت قدرة على إدارة الجلسات، مدعومة بإلمام كاف بمواد الدستور وبلائحة المجلس الداخلية، وأصبح له حضور إقليمي واضح، مع شخصية قادرة على السيطرة والتصدي لأصحاب الأصوات العالية، وبلطجة البعض، الذين وصفهم يوماً الراحل «أحمد الربعي» بدكتاتورية الغوغاء «التي وقودها العاطفة وعدوها العقل»!

إن حكومتنا ليست حكومة ملائكة، ولا ينكر إلا مغرض أخطاءها، ولكن ما حدث في الماضي لا يعني أنه سيتكرر في الحاضر، فهناك روح جديدة، ويجب أن يعطى رئيسها الفرصة كيلا نذهب للفراغ، ونخسر كل شيء.

إن البديل عن الوضع الحالي، وفي الظروف والمعطيات الحالية هو الفوضى الشاملة. فالأغلبية التي يتشدقون بها، هي نفسها التي أضرّت بنا طوال نصف قرن بكل ذلك الكم من القوانين البالية والمتخلفة والخانقة للحريات. وكونهم أكثرية لا يعني أنهم على حق دائماً.
***
أعود وأكرر أنني لست مع مرزوق الغانم في كل شيء، ولا من المصفقين لصباح الخالد الصباح، ولكني كاره للبديل، وأشعر بالرعب من مطالبات الأغلبية، وتعلمت من التاريخ أن من لا يقرأه جيداً سيكتوي غالباً بنار جهله.
***
وأخيراً نود أن نؤكد «للزميل»، والنائب الذي اختاره الإخوان المسلمون ليمثلهم في مجلس الأمة، والذي تهجم على القبس أكثر من مرة وليكتب فيها، إلى أن «قضبوه الباب»، ليكتب في صحيفة أخرى، بأنه لا إدارة القبس ولا السيد مرزوق الغانم أو أي شخص من قبله طلب مني أو أوحى إلي بكتابة هذا المقال، وربما يكون مرزوق في غنى عن سماع رأيي، ولكنني كتبته وأنا مطمئن لقراري، ليس فقط من باب الاحترام له، ولكن أيضاً لشدة اختلافي مع معارضيه، الذين لم يتركوا وسيلة «مخجلة» دون اللجوء لها للحط من قدره، وافتقدوا الأخلاق الحميدة، التي يدعون تملكها، في خلافهم معه، ولا عجب فبينهم من كانوا، وحتماً لا يزالون، الأكثر تطرفاً في آرائهم السياسية، وتوجهاتهم الطائفية وتاريخهم الدموي. وبالتالي لن أبدل بهم مرزوق الغانم، ولو اجتمعوا معاً، فمرزوق محشوم، وما طاح.

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top