متاحف الإثراء

كتبت قبل 15 عاماً مقالاً، تعلّق بموضوع تخليد ذكرى الغزو، وكيف أن جهات عدة لا تودّ رؤية أي أثر يذكِّرنا بتلك المرحلة والغدر الذي تعرّضنا له. ولو استبعدنا المحاولات المضحكة التي قام بها البعض لتخليد الحدث، من منطلق الرغبة في تحقيق الثراء السهل والسريع، لوجدنا أننا، دولة وشعبا وحكومة، لم نقم، وبعد مرور أكثر من 30 عاماً على تحرير الكويت من غزو خطير وشرير سعى لمحو الدولة من على وجه الأرض وتشريد شعبها، بأي عمل جدي لتخليد تلك الذكرى، ولو عن طريق وضع نصب تذكاري أو معلم يذكّر أو يؤرخ لتلك الفترة المظلمة، والحدث الجلل. كما تكاد تخلو مناهج «التربية» من ذكر واضح ومفصّل لما حدث في الثاني من أغسطس 1990. الأمر يتطلب قيام جهة ما بمهمة تخليد ذكرى الغزو، لكي لا يأتي وقت لا يعرف فيه أبناؤنا سبب تسمية برج خرساني عال وخال بـ«برج التحرير»، والسؤال: التحرير من ماذا... يا ماما ويا أستاذ؟

* * *

قامت القبس قبل أيام بإجراء مقابلة مع مَن كان وراء فكرة تأسيس بيت الكويت للأعمال الوطنية، الذي سبق أن كتبنا أكثر من خمسة مقالات عن كل ما أثير حول تأسيسه وإدارته من لغط، حيث اعترض ذلك الشخص على قرار البلدية هدم البيت، الذي تعود ملكيته لأملاك الدولة.

* * *

إن قضية تخليد ذكرى الغزو ليست مسألة شخصية ولا يجب أن تترك بأيدي جهات أو أفراد، لهم مصالح وأغراض شخصية، بل يجب أن يكون عملا مؤسسيا. فلو قمنا بزيارة أي من مدن وحواضر دول العالم التي سبق أن تعرّضت للاحتلال لوجدنا نصباً أو رمزا يذكر بتلك الفترة. حتى ألمانيا التي تسبّب مجنونها هتلر في إشعال أكبر حرب في تاريخ البشرية، تطلب القضاء عليه فقد أرواح عشرات الملايين وتخريب مدن عظيمة كاملة، لم تتردد في ترك مجسمات ومبان مهدمة وسط أشهر ميادينها للتذكير بتلك الحرب العبثية، ومدى قسوة وفداحة القتل والدمار في تلك السنوات. نحن بحاجة ماسة لتحرك الحكومة وتكليف لجنة أو جهة، مثل المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الذي مات بالسكتة تقريباً على يد الوزير جلال الدين الرومي؛ ليقوم بتولي مسؤولية وضع هذا النصب، من خلال اختيار المكان وإجراء مسابقة لتصميمه وبنائه، وربما تكون حديقة الشهيد المكان الأكثر ملاءمة لوضعه؛ ليذكرنا والأجيال القادمة بالغدر، والحذر منه، والغزو والاحتلال وتخليد ذكرى مناسبة مفجعة، تأثرنا جميعاً بها وتخليد مقاومتنا الوطنية.

* * *

يمكن تمويل عملية تصميم وبناء النصب من خلال تبرعات عامة، تتولّى أمرها وزارة الشؤون، عن طريق جمعية خيرية، وأنا على استعداد لأن أكون أول المتبرّعين لهذا المشروع. 

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top