البكاء على أطلال «إرحية»

تعاني كل دول العالم تقريباً، بما فيها المتقدمة، وإن بدرجات متفاوتة، مشكلة التعامل مع النفايات، وخاصة الخطرة منها. يتم عادة التخلص من النفايات بإحدى الطرق التالية:

1 ــ دفنها، لوقت أو جيل آخر! وهي الأقل تكلفة ولكنها لا أخلاقية وغير صديقة للبيئة.

2 ــ حرقها، وما يتسبب فيه ذلك من تلوث للبيئة.

3 ــ تصديرها لدولة أخرى لتتصرف بها بالطريقة التي تراها، وهذه أيضاً ليست أخلاقية، فالمشكلة باقية على الأرض.

4 ــ رميها في البحار والمحيطات، وما لذلك من تأثير مدمر. 5 ــ إعادة تدوير ما أمكن منها، واستخدامه بطريقة اقتصادية ومناسبة.

* * *

ولو حاولنا التعامل مع عشرات آلاف الأطنان من إطارات منطقة «إرحية» مثلاً بالأسلوب أو الطريقة الأخيرة لوجدنا أن الموضوع ليس بتلك السهولة، خاصة في دولة يتأخر فيها اتخاذ القرارات.

* * *

تتطلب عملية إعادة التصدير غالباً وجود 3 أطراف:

1 ــ جهة محلية متخصصة في التعامل مع تدوير المواد، والصلبة بالذات.

2 ــ تاجر وسيط، ويمكن في بعض الأحيان التخلص منه.

3 ــ مشتر أو مستورد للمادة الخام. تحصل الجهة المحلية على الإطارات محلياً، وتقوم بتقطيعها إلى أحجام صغيرة، وشحنها للمشتري، وغالباً في بوارج أو سفن متوسطة الحجم.تكمن المشكلة في الثمن المتدني، عالمياً، لمادة المطاط المستهلك. فليس هناك من جهة على استعداد لدفع أكثر من 20 دولاراً للطن، في الوقت الذي تبلغ فيه تكلفة الشحن فقط 35 دولارا للطن، دع عنك تكلفة جمعه وتخزينه وتقطيعه، وتوصيله للميناء! ويتطلب الأمر بالتالي تدخل جهة ثالثة، وهي الدولة، إما لدفع الفرق للمصنع المحلي، إضافة لنسبة ربح بسيطة، بحيث يستطيع الاستمرار بعملية التدوير. أو أن تقوم هي بالمهمة، وهذا ليس بالعملي غالباً.

* * *

تستطيع الدولة تغطية ما تقوم بدفعه للمصنّع المحلي من خلال تحصيل ضريبة بسيطة، يتم احتسابها بدقة، على كل إطار يتم بيعه أو تبديله، وتوجيه المبلغ لدعم صناعة تدوير هذه المادة وشحنها. وبغير ذلك ستبقى جبال إطارات «إرحية» على وضعها مع احتمال كبير في تزايدها. ويمكن تطبيق «مبدأ الدعم» نفسه مع المواد الأخرى، خاصة التي تتطلب آلات ضخمة متخصصة ومكلفة وأيدي عاملة ومساحات تخزين كبيرة. كما بإمكان الحكومة إما التعاون مع شركات التدوير الناجحة القائمة، أو دراسة جدوى إنشاء شركة مساهمة عامة لتقوم بهذه المهمة. فجمع القمامة والتخلص منها بشكل عام، مسألة تزداد صعوبة يوماً عن يوم، وطريقة دفنها تحت الأرض، كما هو متبع الآن، سوف تكون لها عواقب وخيمة على الأجيال القادمة، وحقيقة لا أدري من يهتم بمصير الأجيال القادمة إن كنا غير مكترثين بصحة ومستقبل الأجيال الحالية.

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top