كلبجة الجمعية ورسوم الدراسة

شاهدت للمرة الأولى وضع المكابح (الكلبجات) على إطارات السيارات المخالفة في لندن، في ثمانينيات القرن الماضي. وكان طريفاً رؤية مركبة الشرطة المحملة بتلك المكابح تجوب الشوارع وتضعها على كل مركبة مخالفة، تتبعها سيارة شركة «فك المكابح»، والتي يكون دورها وضع ملصق على كل سيارة مخالفة تعلم صاحبها بألا يقلق، فما عليه سوى الاتصال بهم، وسيقومون بتوصيله لبيته أو وجهته التالية، ودفع المخالفة عنه، والأهم من ذلك الانتظار بجانب السيارة لساعات أحياناً لحين وصول شرطة «إزالة الكوابح»، وذلك مقابل رسوم محددة، وبخلاف ذلك على صاحب السيارة المخالفة ترك سيارته واستخدام سيارة أجرة والذهاب إلى مركز فك المكابح ودفع الرسوم واستخدام سيارة أجرة ثانية لتعيده لسيارته والانتظار لساعات بجانبها!

***

قصة المكابح ذكرتني بشركة تعليم السيارات، فبعد تأسيسها بسنوات انتشرت إشاعات، خصوصاً بين المقيمين، بأن من يلتحق بها للتدريب على القيادة، فإن فرصة نجاحه كبيرة، لأن مالك الشركة هو من كبار العسكريين المتقاعدين، خصوصاً أن الحصول على إجازة قيادة، كان ولا يزال، يشكّل عامل قوة ووضعاً اجتماعياً ونفسياً أفضل، ومورداً مالياً أعلى.

***

تذكرت القصتين أعلاه وأنا أقرأ إعلاناً، طريفاً من جهة ومبكياً من جهة أخرى، لجمعية المعلمين تعلن فيه عن قيامها بترتيب دروس وفصول تقوية للطلبة، من الجنسين، وحل الواجبات معهم، وإعداد التقارير الدراسية نيابة عنهم، وذلك لطلبة المرحلتين، المتوسطة والثانوية، وكل ذلك طبعاً مقابل مبالغ مالية! فكيف يمكن قبول قيام جمعية المعلمين، التي يقع على كاهل أعضائها تدريس أبنائنا صباحاً، بالطلب منهم دفع رسوم للأعضاء أنفسهم ليقوموا بحل الواجبات لهم مساء، ومساعدتهم في شرح الدروس، وإعداد التقارير؟ وهذا يشبه أيضاً وضع «الطبيب الحكومي» الذي يعالج مرضاه في المستشفى، ويطلب منهم مراجعته في عيادته الخاصة لتكملة العلاج!!

***

يقول «فكتور شيا»، خبير التعليم الكوري الجنوبي: لا توجد دولة تتحمل إنتاج جيل كامل من دون تعليم جيد، فهذا الجيل سيدمر الدولة داخلياً، لتتفتت وتفقد وجودها. ويمكن ملاحظة ذلك في منطقة الشرق الأوسط التي أهملت جميعها تقريباً التعليم، والآن تدفع الثمن!! *** لا أعتقد أنه من الضروري الكتابة عن الأعمال الخيرية التي تقوم بها جمعية الصداقة، ولكن بعضها يستحق الكتابة عنه لما تتضمنه من معان محزنة ومضحكة مؤلمة في الوقت نفسه. فقد قمنا في «جمعية الصداقة الإنسانية» بصرف مبالغ مالية كبيرة نسبياً لعدد من المدارس الخاصة، نيابة عن أربعين أسرة، تخرج أبناؤها في الثانوية بتفوق، بعد أن رفضت المدارس تسلميهم شهاداتهم الدراسية، وهذا من حقها، من دون قيام هؤلاء بدفع الرسوم الدراسية! نكرر السؤال نفسه: كيف يمكن لأي شعب أن ينهض إن كان عاجزاً حتى عن دفع رسم الحصول على الشهادة الدراسية؟ 

***

ملاحظة: إلحاقا لمقال أمس، تلقيت اليوم بثقة عالية جرعة اللقاح، وحسب موعدي ودون واسطة، طبعا، ولا أعرف حقيقة من أخذها بالواسطة. ادعو كل متردد لعدم الالتفات للسخافات والتحذيرات غير المبررة، والإسراع في أخذ الجرعة.

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top