القبس وحبس المفلس والمدين

كتب المحرر في القبس الأخ مبارك حبيب التالي: توضع القوانين لتعديل وضع خاطئ، لكن هذه المرة جاء قانون لـ«يخرب الدنيا»، فقد كشف مصدر قانوني لـ القبس عن خطأ فادح في قانون الإفلاس الجديد، بعد نشره في الجريدة الرسمية. وقال المصدر إن هذا القانون يفترض أن يلغي الضبط والإحضار عن الذين يثبت إفلاسهم، لكنه ألغى المادة الخامسة بأكملها ولم يحدد إلغاءها عن المفلس فقط، وبالتالي فإن هناك 81 ألف أمر ضبط وإحضار بحق المدينين ستسقط إذا لم يتم تدارك الأمر وإصدار قانون آخر! وتساءل المصدر قائلاً: كيف يلغي مجلس الأمة المادة الخامسة بأكملها وبالعموم من دون أن يحدد المفلس فيها فقط؟ خصوصاً أن السلاح الوحيد للمطالبين باسترداد ديونهم هو إجراءات الضبط والإحضار والحبس التي تجدي نفعاً في الحصول على حقوقهم. وخلص المصدر إلى أن وزير التجارة أمامه ثلاثة أشهر لتنفيذ هذا القانون بعد نشره بالجريدة الرسمية، والأكثر خطورة أنه حتى الآن لا أحد يعلم بهذا الخطأ الفادح، وكيف سيتم التعامل معه من قبل الحكومة!

* * *

حدثت حالة من الارتباك وسط أوساط عدة بعد نشر القبس الخبر، وجندت وزارة التجارة قواها للدفاع عن القانون، وتبرير إلغاء الفقرة المتعلقة بحبس المدين، وإلغاء قرارات الضبط والاحضار المتعلقة بإعسار التاجر الفرد أو الشركة، حيث تبيّن، من وجهة نظر وزارة التجارة، أن الإلغاء يتماشى مع الممارسات العالمية التي تهدف الى حماية المدين وإعطائه مهلة لترتيب أوضاعه. ففي أميركا، وتحت مظلة الفصل 11 من قانون الافلاس الأميركي، الذي أثبت جدواه على مدى عقود، يحق للجهات القضائية أن تجمد وتوقف جميع مطالبات السداد من دائني التاجر أو الشركة المعسرة، وإمهاله لترتيب أوضاعه، وتحصيل ديونه ومطالباته على الغير، بدلا من الزج به في السجن، وغلّ يده، وما يترتب عليه من فقد العشرات، وأحيانا مئات الآلاف من موظفين وعمال لوظائفهم في الشركة المعسرة، هذا غير احتمال خسارة المدينين لكامل ديونهم للتاجر الفرد أو الشركة المعسرة. وبالتالي فإن إلغاء الضبط والاحضار يواكب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية للمدين واتفاقية نيويورك المتعلقة بإلغاء حبس المدين عن ديون تجارية ومدنية في القانون التجاري الجديد، لما لذلك من أثر إيجابي على المجتمع، أفرادا وشركات.

* * *

ربما سأتضرر شخصيا، كرجل أعمال، من احتمال قيام البعض بإساءة استغلال هذا الوضع، والتهرب من دفع ما عليهم من ديون، ولكن هذا القانون ينسجم مع آرائي، فهو ضد أسلوب «خذوه وغلوه»، وستكون له آثار إيجابية مستقبلا، إن طبق بشكل سليم.

* * *

لقد أثبت وزير التجارة وفريقه العامل أنهم أفضل من مر على وزارة التجارة منذ سنوات. فقد نجح الوزير وفريقه خلال السنوات القليلة الماضية في الفوز بقصب السبق بعدد القوانين التي أقرها مجلس الأمة، والمتعلقة بتنظيم العمل التجاري. كما نجحوا في التخلص من التعقيدات الروتينية السابقة، ودفع العمل للسير بسلاسة أكبر، ونتمنى استمرار ثقة القيادة بهم لإكمال ما بدأوه، وأخص بالذكر الأساتذة فهد الزميع، وإياد سعدالله، ومحمد الرباح المطيري، وصالح العقيلي، وأنس التورة، ونواف الياسين، ومحمد محمد الوسمي، الذين كان لهم الدور الأهم، كأعضاء الفريق التشريعي لوزير التجارة، في إصدار تلك القوانين.

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top