كلمة يجب أن تُقال

لست ضليعاً في كتابة المرثيات، ولكن فقد إنسان كبير بحجم الأمير الراحل صباح الأحمد الصباح يستحق كسر ما تشكله «قلة الخبرة» من تردد، وكتابة ما يجول بالخاطر والتعبير عما نشعر به من خسارة على المستويين، الشخصي والوطني.

***

تبيّن، بعد أن غادرنا الرجل الفذ، كم كانت مكانته في القلوب كبيرة، وكم كانت سمعته رائعة في مختلف دول العالم، وكم كان مهموما بفكرة إزالة الخلافات العربية، والتدخل بقوة شخصيته لحلها، وما أكثر تلك المشاكل وما أكثر تعقيداتها. كان له دور تقريبا وتدخل في كل المشاكل التي تعرضت لها القضية الفلسطينية. وكان وجوده واضحا في القضية اللبنانية وفي الخلافات الخليجية وفي مشاكل اليمن الداخلية ومع جيرانه، منذ بداية مآسيه مع الملكيين والجمهوريين. وكان للفقيد دوره في سوريا وفي المغرب وموريتانيا والجزائر، وحتى في العراق، وفي الكثير غيرها. وكانت أهم أدواره وأكثرها خطورة وحسما، دوره في وأد فتنة «الربيع العربي» وإنقاذ وطننا من شر محقق على يد جماعة منا!

***

الشيخ صباح لم يكن أمير دولة صغيرة لا تتعدى مساحتها 18 ألف كلم2، ومواطنين لا يتجاوز عددهم مليون ونصف المليون بكثير، بل كان يملك طاقة ورغبة عارمة في فض النزاعات ومساعدة الدول، بحيث أصبحت حدود دول كثيرة تمتد لتضيف الكثير لحدود الكويت، وشعوب تسعى بأعدادها، من فرط تقديرها للكويت وقيادتها، لأن تضيف نفسها لتعداد شعب الكويت، لتجعله يبدو وكأنه يبلغ عشرات الملايين. هكذا كنا ولا نزال نشعر في دولة الكويت، دولة كان أميرها صباح الأحمد، وأصبح أميرها صاحب السمو الشيخ نواف الأحمد الصباح.

***

متابعتي القصيرة والمتقطعة لمراسم استقبال جثمان الفقيد، والصلاة عليه ودفنه واستقبال كبار المعزين به جعلتني اشعر بالحزن والأسف، وكأن من توفي كان رجلا عاديا، فقد فشلت كل الجهات المعنية بالأمر تقريبا، بما في ذلك وزارة الإعلام، في إظهار جلل المناسبة والتركيز على مكانة الفقيد، بل التزمت بأدنى الترتيبات التنظيمية، وكأن من رحل كان شخصا عاديا، ولم يكن رجل دولة وشخصية عالمية وصاحب مكانة عظيمة، وصاحب دور دولي حاسم في الكثير من القضايا، وحقق الكثير من المنجزات الداخلية الضخمة والبارزة. كان وصول جثمان الفقيد الكبير يستحق بالفعل استقبالا أكثر هيبة لشخصه، وأكثر تماشيا مع مكانته، فما رأيناه بيّن على نسيان الإرث الكبير للراحل، فبدت كل الترتيبات والاستعدادات باهتة وخالية من مشاركة الجيش وقوى الأمن، ولم تبين عدسات كاميرات النقل منجزات الفقيد داخل البلاد، ولا أعماله الكبيرة خارجها، كما نرى في مثل هذه المناسبات في دول كثيرة. ربما كان لـ«كورونا» دور في تواضع الإجراءات، ولكن مكانة الفقيد، محليا ودوليا، كانت تتطلب شيئا أفضل بكثير.

أحمد الصراف  ‏سينتهي هذا الإعلان خلال 14

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top