تصريح مستحق وقانون مطلوب

في تصرف ينم عن التحضر ويتماشى مع حقوق الإنسان، قام المحامي العام المستشار محمد الدعيج، بالإيعاز للسلطات المعنية وقف كل إعلانات ومظاهر ومحاولات التنازل «بيعاً»، التي يعلن فيها مكتب خدم أو مواطن عن تنازله عن أحد العاملين لديه من فئة خدم المنازل أو السواقين، واعتبار ذلك نوعا من الاتجار بالبشر، وبالتالي فإن كل من يستقدم عاملا أو عاملة للعمل لديه ويقع الخلاف بينهما لسبب أو لآخر فإن عليه تسليم العامل الخادم لمكتب الاستقدام، وربما استعادة جزء من المبلغ الذي دفعه، ليقوم المكتب بإعادة العامل لوطنه، أو قيام الشخص نفسه بالتنازل عن العامل لطرف آخر.. من دون مقابل مادي!

***

لقد سبق أن كتبنا كثيرا عن هذه الظاهرة، وأبلغنا مباحث الإقامة عن حالات بيع وشراء خدم، وتم اتخاذ الإجراءات ضد بعض المكاتب، وتمثلت غالبا في إغلاق منشأة الاستقدام، والتي قامت ربما في اليوم التالي باستخراج رخصة جديدة باسم آخر، والعودة لنفس المكتب والنشاط مع تغيير الاسم على مدخله. ومن يقوم بزيارة المجمعات التي تكثر بها هذه المكاتب يلاحظ عدد مرات تغيير الاسم التجاري للكثير منها. كما أن لبعض «المواطنين»، وما هم بمواطنين، مكاتب عدة بأسماء مختلفة! بسبب ظروف الكورونا، وإغلاق المطارات، فقد توقف عمل مكاتب الخدم، واختفت مؤقتا ظاهرة البيع، وهذه فرصة كبيرة لتنظيم هذا القطاع، الذي سيبقى مصدر قلق وصداع للسلطات، وللملايين المعنيين بالموضوع من خدم وسائقين، من الجنسين، وآلاف العاملين في مكاتب الاستقدام، وتقريبا غالبية المواطنين والمقيمين، الذين يستعينون بهؤلاء في مختلف التخصصات. مع ما يستحقه قرار المحامي العام من احترام وإشادة، فإنه جاء بعد ضغوط خارجية، وشكاوى تقدمت بها جمعيات حقوق الإنسان ضد الكويت لدى الهيئات الدولية، إثر التقرير الذي بثّته قناة البي بي سي عن وضع الخدم في الكويت. وبالتالي فإن «الإيعاز» في مثل هذه الأمور لا يكفي، بل يتطلب الأمر قرارات حازمة وواضحة من الجهات المعنية سواء كانت وزارة الشؤون، أو هيئة القوى العاملة، أو من خلال تشريع ينظم العملية برمتها، فمعرفتي بشعبنا «العظيم»، بعد تجربة طالت لأكثر من سبعين عاما، تؤكد أن ظاهرة البيع، والاتجار بالبشر، ستعود فور عودة الحياة لحركة الطيران بيننا وبين الدول الأخرى، فمن نجح في قلب الفرعيات المجرمة إلى تشاوريات مرحب بها بإمكانه فعل كل شيء للتغلب على تعليمات الإيعاز، فالكثيرون ينطبق عليهم المثل المصري «ناس تخاف لكن ما تختشيش»!

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top