يا أهل الستين

أثار قرار هيئة القوى العاملة المتعلق بعدم تجديد إقامة من بلغ الستين من عمره، في حال لم يكن يحمل شهادة جامعية، زوبعة لن تهدأ قريبا، فالقرار سيؤثر بشكل فوري وواضح على حياة أكثر من 70 ألف مقيم، بخلاف أسرهم. ولو كنت محل أي من هؤلاء فسأحتار فيما يجب الإقدام عليه. فإن حزمت حقائبي وقررت الرحيل مبكرا، فقد تغير الحكومة رأيها في مرحلة تالية، تحت الضغط أو الحاجة، وتلغي أو تمدد القرار. وإن انتظرت لآخر لحظة، قبل أن أغادر قد لا يسعفني الوقت للرحيل بطريقة سلسة، وما يكفي من وقت لترتيب أموري في الوطن. وأشارك النائب أحمد الفضل في انتقاده للقرار، واعتبره ناقصا لعدم مراعاته لعدة أمور. كما حفلت الصحف ووسائل التواصل بكم كبير من الاقتراحات والانتقادات للقرار، الذي سيتضرر منه أصحاب الأعمال الصغيرة او المتوسطة، الذين قضوا في الكويت سنوات طويلة وحققوا نجاحا، ولم يفكروا يوما في حمل شهادة جامعية، والذين لا تبلغ حصتهم في رؤوس أموال شركاتهم المئة ألف دينار المطلوبة كشرط! ولا أدري إن قام هؤلاء اليوم بتعديل حصصهم في رؤوس أموال شركاتهم فهل سيسمح لهم بالبقاء مثلا؟ أعترف، بالرغم من ضراوة الهجوم الذي تعرض له القرار، بأنني متفق مع من أصدره، ليس حباً في ظلم أحد، بل لاعتقادي أن القرار تنطبق عليه مقولة «ظلم بالسوية.. عدل بالرعية»!! فهو، كما يبدو، وسيلة مهمة لتعديل التركيبة السكانية دون أن يثير الأمر غضب الدول الشقيقة والصديقة، متى ما بدأت عملية عدم تجديد إقامات رعاياهم، وترحيلهم من البلاد. فطالما أن القرار يشمل جميع الجنسيات، دون استثناء، فمن الصعب على أتباع جنسية محددة الشكوى منه أو الاعتراض عليه، ولو حبياً! ومع اعترافي بدعمي للقرار المثير للجدل فإنني أتمنى ألا يستمر تطبيقه طويلا، خاصة أنه يعطي المقيم فترة تسوية أموره حتى نهاية عام 2021. وأن يعاد النظر به بعد تحقيق الهدف المهم من صدوره. كما أتمنى أن تقوم هيئة القوى العاملة بدراسة مثالبه، وتعديله أولا فأولا، وفرض رسوم عالية وتأمين صحي لمن يريد احضار أي من أفراد أسرته للعيش معه، فالكويت ليست ورشة عمل بل بيئة إنسانية يتطلب الأمر توافر كل وسائل الراحة والأمان فيها للمواطن والمقيم واحترام كرامة الإنسان، لكي ينتج بشكل أفضل. كما أن بعض المهن لا يمكن أن يبدع فيها الإنسان إلا في مرحلة متأخرة، مثل الأعمال اليدوية الدقيقة كصناع المجوهرات، وشيف الفنادق والمطاعم الكبيرة، وغير ذلك.

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top