هل الجماعة مشتهون؟

تقول القاعدة الذهبية: %90 من مشاكل أي دولة، والكويت ليست استثناء، تكمن في عدم تطبيق القانون بشكل سليم! *** التركيبة السكانية مسألة عويصة ولا يبدو أن جهة منفردة قادرة على حلها، بمعزل عن الآخرين، لحاجة الجميع للعمالة الوافدة، ولأن هناك من يتاجر بهم. نظريا، لا توجد دولة لا تستعين، بدرجة أو بأخرى بالعمالة الخارجية، رأيتها في الصين واليابان وهونغ كونغ، وحتى في دول ذات بطالة عالية مثل مصر ولبنان، وبالتالي المشكلة ليست في العمالة الأجنبية بل في مدى الحاجة لها، وطريقة الاستفادة من مهاراتها. فلو أخذنا أبسط الوظائف، وأكثرها جلبا للأجر كمهنة المؤذن أو إمام المسجد لوجدنا اننا فشلنا، على مدى نصف قرن، في «تكويتها»، لأن الكويتي لا يميل لها، بالرغم من توافر عشرات الآلاف منهم القادرين على أدائها، ومع هذا كان هناك إصرار على بناء مئات المساجد ربما فقط لكي نجلب لها مؤذنين من أفغانستان وأئمة من مصر وفراشين من بنغلادش، لأن جهة ما في الدولة تستقوي، أو تستفيد من وجودهم، وتبين كبر حجم امبراطوريتها الدينية مقابل الجهات الأخرى، ولتحصل على موازنة أكبر وصرف أعلى وشفط «أسرع». والغريب والمحزن أن الدولة كانت، ولا تزال تصرف سنويا مئات ملايين الدنانير على تدريس وتخريج آلاف طلاب المعاهد الدينية والشريعة وهي على يقين من أن لا أحد منهم تقريبا سيعمل مؤذنا او إماما (!!) ومن هذه الزاوية يمكن أن ننطلق لجهات ومرافق أخرى كثيرة. فالخلل هو أساسا في الإدارة الحكومية قبل ان يكون في القطاع الخاص، المستعين الأكبر بالعمالة الخارجية. العمالة الأجنبية هي هنا، وستبقى، قد ينخفض حجمها قليلا، ولكنها ستبقى طالما عجزنا عن إصدار القوانين الصحيحة وفشلنا في تطبيقها بطريقة سليمة. فالدولة تصرف عشرة مليارات دولار سنويا على القطاع الصحي، وبجرة قلم يمكن تخفيض المبلغ لعشرين في المئة فقط، وعدد العاملين للنصف.... هذا إذا «اشتهينا». كما يمكن تشديد الرقابة على كل شركات مقاولات الطرق والمباني والتنظيف وغيرها، التي تستخدم أعدادا كبيرة من العمال، بحيث تجبر، تحت طائلة الغرامات المالية العالية والشطب، على إعادة كل من جلبته للبلاد من عمالة لبلادها فور انتهاء المشروع. في نهاية الأمر سترتفع تكلفة جلب وتشغيل وإيواء أي عمالة على الدولة والفرد، ولكن لا مفر من ذلك. تطبيق القانون يعني أننا بحاجة ماسة للعمالة المنزلية، ولكن هذه يمكن ربطها بعدد أفراد الأسرة. تطبيق القانون يعني أننا بحاجة لرعاة إبل وغنم، ولكن ليس 15 ألفا، في الوقت الذي ليس فيه «كبش» كويتي واحد في سوق الخراف.تطبيق القانون يعني أننا بحاجة لشركة تحميل لا يزيد عدد العاملين فيها على 30 في أي مطار للقيام بمهام نقل عفش الركاب، وعلى حسابهم، فقد كنا لسنوات الدولة الوحيدة في العالم التي تدفع الحكومة للعامل لكي يحمل حقيبة المواطن! خلاصة الموضوع، لا مشكلة ليس لها حل، لكن السؤال: هل الجماعة مشتهون؟!

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top