حكومة العزيزة سعاد

تعبت وأنا أقرأ، ومنذ نصف قرن، عن الحكومة الخفية التي تدير العالم، والتي تسببت في الحربين العالميتين الأولى والثانية، وجائحة الكورونا، وكل ذلك في سعيها للسيطرة على العالم. ومنذ خمسين عاما وأنا انتظر الدليل على وجود مثل هذه الحكومة!

***

يقولون إنها تجتمع وتتآمر على العالم لكي تزداد نفوذا وثراء، ولا أدري كيف سيتم ذلك ونحن نرى ما سببته الكورونا من خسائر مالية لم يعرف التاريخ البشري لها مثيلا. وإن كانت هذه الحكومة، التي تعمل بسرية منذ أكثر من قرن، تسعى بالفعل للسيطرة على العالم، فها قد أصبح الآن عاجزا أمامها، بعد أن فقد الكل الرغبة في الحرب، وللمرة الأولى في التاريخ، وهذه فرصتهم في إعلان كامل سيطرتهم علينا جميعا؟ تتساءل الصديقة والزميلة سعاد المعجل عن مدى إمكانية وجود مثل هذه الحكومة، وربما تميل لوجودها وتشير في هذا الصدد لكتاب الاسكتلندي شيريب سبيرودوفيتش، مؤلف «حكومة العالم الخفية» وكيف وصفها بدقة، وأن لها مسحة يهودية، وكيف أنها تدير مقدرات الكون، وان عدد أعضائها 300 رجل يتبعون نظاما دكتاتوريا، ويعملون وفق خطة قديمة مرسومة للسيطرة على العالم، وهم اليد الخفية المحركة للأحداث والثورات والحروب العالمية! ولا أدري لماذا لم تنجح خطتهم حتى الآن، إن كانوا يعملون منذ سنوات طويلة، وفق خطة قديمة؟ كما ذكرت الزميلة سعاد أن وفاة الكاتب كانت غامضة، لكنه نجح، قبل انتحاره أو اغتياله، في فتح الأعين على الحكومة، الأمر الذي دفع باحثا آخر، وهو الكندي وليم غاي كار، لوضع كتاب «أحجار على رقعة الشطرنج» عام 1955 كشف فيه دور المنظمات السرية العالمية في صنع الحروب والثورات وافتعال الأزمات الاقتصادية وابتزاز اصحاب المناصب والوزارات، وركز في بحثه على اليهود والنورانيين!! لا أدري كيف يمكن تصديق أن حكومة بهذه القوة تخاف من مؤلفين فتقتلهم، ولكنها تترك كتبهم منشورة «ببلاش» على الإنترنت، وهي التي يفترض أن بمقدورها منع طباعتها ونشرها أصلا؟ وما يصعب علي فهمه هو كيف لحكومة، يهودية صهيونية، أن تفشل على مدى أكثر من سبعين عاما، في إنهاء مقاومة الفلسطينيين، ودفعهم لنسيان قضيتهم؟ ولو كنت مكان أسر مثل «روثشيالد» و«دل» و«بلومبيرغ»، لما ترددت في التنسيق بيننا ومناقشة أوضاع العالم، ولا يعني ذلك بصورة تلقائية التآمر عليه، بل لحفظ مصالحنا الكبرى، وهذا حق مشروع. ولو آمنا بصحة وجود مثل هذه الحكومة، فإن الذين يديرونها والمؤثرين فيها اليوم ليسوا من الطينة نفسها ولا الخلفية التي تم الحديث عنها، فمن يتحكم في عالم اليوم، بما في ذلك مصير أسر كروثشايلد وغيرها، هم أولئك الذين يديرون الآن غوغل وأمازون وعلي بابا وتويتر وفيسبوك ومايكروسوفت وغيرها العشرات، والذين لا ينتمون لمنظمات سرية ولا لأسر ثرية تقليدية تاريخية، كما أن غالبيتهم تبرعوا بأجزاء كبيرة من ثرواتهم للأعمال الخيرية، وهؤلاء هم الذين يتحكمون اليوم في «عصب» الحضارة الحديثة، وليس أصحاب الأسهم والعقارات والبيوتات المالية التاريخية. أما القول بأن منظمة الصحة العالمية أصبحت جزءا من الحكومة الخفية، لأنها الآن تتحكم في البشر، في ظل النظام الصحي الدكتاتوري الذي ساد العالم بفعل الكورونا، بحيث أصبح بالإمكان فرض قيود صحية صارمة تبعث الدهشة من الطريقة التي جعلت الناس يمارسون انضباطا صارما وطوعيا، وبشكل لم تشهده حتى أكثر المعسكرات صرامة وانتظاما، فهو أقرب للنكتة! ففي الظروف الصحية التي نعيشها تعتبر الكلمة للأطباء، وليس للسياسيين أو لضباط الجيش. وغريزة البقاء هي التي دفعت مختلف شعوب العالم للانضباط وليس الحكومة الخفية. 

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top