ما أخبث الأسئلة وأقذر الشكوك

مقدمة هذا المقال تم الاعتراض عليها، لتعلقها بالهجوم على من تعرض لنا ولأنشطة جمعية الصداقة الإنسانية بالانتقاد.

***

عملت مصرفياً منذ منتصف الستينيات، تقلدت خلالها أرفع المناصب، وكان لي دور في منح تسهيلات مصرفية، كمدير وكعضو مجلس إدارة، بمئات ملايين الدنانير، وتركت الوظيفة والمجلس وليس في ذمتي، أو جيبي فلس واحد حرام. عملت مسؤولاً عن لجنة إعاشة المواطنين في الرياض، إبان الاحتلال الحقير، وتسلمت من حكومة المنفى 80 مليون دولار، ويعلم كل من عمل معي مصير كل سنت صرف. أدرت كل مصالحي بأمانة، ولم أخالف يوماً أي قانون، ولم أقبل أي رشوة، أو أدفعها، وكل ذلك ليس لأنني شخص سوبر، بل فقط لكوني مواطنا عاديا يحب وطنه، ويجد في ما قام به راحة نفسية لا يعرفها «الخبثاء». فشرفاء المجتمع لا يراهم المهووسون بالسرقات، ولا يتخيلون وجودهم، فشيبوب الخبيث وأمثاله لا يرتاحون للعيش إلا في البيئة الفاسدة، فتراهم يسعون لإفساد كل شيء يضعون أيديهم عليه، لكي يشعروا بالراحة، ويبعدوا الأنظار عنهم، وموقف هؤلاء يذكرني بصاحب الصحيفة الفاسد، الذي كان يكثر من نشر قصص الفساد المالي في الدولة، ليس من منطلق المصلحة العامة، بل ليعطي الانطباع بأنه ليس الفاسد الوحيد. أدير مع مجموع رائعة جمعية خيرية لها حق جمع وتلقي مبالغ لا حدود لها لصرفها على الأوجه المسموح بها، هذا يضع قدراً كبيراً من المسؤولية على مجلسها، وشيطان أخرس من يعلم عن مخالفة قمنا بارتكابها، ولا يبلغ عنها. ومن الحقارة بالتالي اتهام الجمعية بوجود مخالفات كثيرة فيها وعدم إبلاغ السلطات عنها. تحركت الجمعية سريعاً مع ظهور أول التأثيرات السلبية لانتشار وباء كورونا، وقام مجلسها بتخصيص مبلغ يزيد على %15 من أرصدتها «المعلنة» للصرف على العمالة البسيطة التي فقدت الفتات الذي كانت تكسبه، نتيجة توقف ورش البناء وإغلاق المطاعم وغيرها. لم تكن المهمة سهلة، فكيف يمكن الوصول لمستحقي المساعدة الحقيقيين، من دون الإخلال بميزان العدالة؟ وماذا عن فئة البدون؟ وكيف يمكن لمتطوعي الجمعية البحث عن المحتاجين من دون التعرض للإصابة بالوباء؟ بعد تجارب مريرة، وجدنا أنه من الاستحالة توزيع ما لدينا من تبرعات على البدون، لضآلة ما سيحصل عليه كل فرد منهم، بسبب تواضع مواردنا المالية، لذا قررنا، مؤقتاً، التركيز على الفئة الأكثر حاجة، وبالذات «ضحايا تجار الإقامات»، وغالبيتهم من المصريين. وقمنا باستخدام أسلوب «من أتي أخيراً قبض أولاً»! أي أن نعطي لمن قدم من العمال مؤخراً، فهم غالباً الأكثر حاجة من غيرهم، وأعدادهم بالآلاف، وجزء منهم بلا إقامة، ولا يعرفون حتى «كفلائهم». والغريب، أو المقرف، أن من تباكى على أوضاع البدون، وسخر من تقصيرنا تجاههم، ينتمي لأكبر وأقدم جمعية خيرية بإمكانها منفردة، بما تمتلك من مليارات قلب حياة البدون لشيء أفضل، من خلال بناء مدن لهم، وإيجاد فرص عمل لشبابهم، والصرف على تعليمهم، بدلاً من لهف نسب القائمين عليها لأنفسهم، والصرف على حفر آبار وتوظيف دعاة، وتمويل حركات والقيام بأنشطة خارج الكويت حيث لا رقابة. يشرفنا في جمعية الصداقة الإنسانية، ومن خلال فريق لا يزيد عدده على أربعة متطوعين، أن نعلن عن نجاحنا في تقديم العون لما يقارب الألف أسرة، وهو رقم يزيد نسبياً بكثير على ما قدمته جمعيات حملة «فزعة للكويت»، آخذين في الاعتبار حجمنا وقدراتنا المالية. ففي جمعية خيرية واحدة تتبع الإخوان المسلمين هناك جيش مكون من مئات الموظفين والعمال، هذا غير ما يماثلهم في الجمعيات الأخرى. لقد قمنا بعمل مميز نفتخر به، وعاملنا الجميع بمسطرة واحدة، من دون أن نطلب من شخص معوز «شهادة من إمام المسجد». volume 0% كما قمنا بتسليم وزارة الشؤون كشوفاً تضمنت أسماء كل من تبرعنا لهم، مع كامل البيانات، فهل يجرؤ من تهجم علينا، الطلب من «جمعياته» القيام بذلك؟!

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top