ستقتلك الفئة الباغية

نشر المشرفون على حملة «فزعة للكويت» رسائل انتشرت على نطاق واسع على وسائل التواصل، ردا على ما تعرضت له الحملة من انتقادات بـ«سوء الإدارة». وهذا تصرف محمود منهم يشكرون عليه، ونوع من الشفافية المطلوبة في العمل الخيري. ورد في احداها النص التالي: إلى كل المحبين والمتبرعين للجمعيات الخيرية، هذا جزء من تبرعاتكم، والخير مقبل. أما المشككون والحاقدون فنقول لهم ارجعوا للحق هداكم الله! وبينت الرسالة أن المشرفين على الحملة أنفقوا مبلغ 2800000 دينار، على الأمور التالية، وعلى خدمات أخرى: 150 ألف وجبة غذائية. 154 ألف معقم يدوي 387 ألف قنينة ماء! وحيث إن الشيطان يكمن في التفاصيل، فإن الإعلان الهادف لـ«تبرئة الذمة» أثار الأسئلة التالية:

1 - هل تم شراء الوجبات الغذائية بالتراضي، من مصادر يعرفونها، أم تم من خلال مناقصة فاز بها صاحب أقل الأسعار؟

2 - ما فائدة توزيع 400 ألف قنينة ماء في هذه الظروف، وأغلبية المحتاجين متواجدون في بيوتهم وبإمكانهم الاستفادة من مياه الحنفية؟ 3 - هل تم شراء قنينات الماء بمناقصة؟ وهل سعت الحملة للحصول عليها مجانا من أحد المصانع مثلا؟

4 - ماذا عن المعقمات اليدوية، هل تم شراؤها من خلال مناقصة تتسم بالشفافية؟ أنا أجزم بأن هذا لم يحدث، فأنا من أكبر موردي هذه المادة ولم تطلب أي جهة مني المشاركة في تقديم سعر هذه المادة. هناك أسئلة كثيرة أخرى تثيرها رسالة المسؤولين عن الحملة، أو تبريراتهم، الذين صرفوا ما يقارب ثلاثة ملايين دينار على أمور غير مهمة، وكان من الممكن أن يكون لها تأثير إيجابي أكبر وأوسع لو صرفت على شكل معونات نقدية لأصحاب الحاجة، بحيث يتصرفون بالطريقة التي تناسبهم بدلا من إعطائهم معقما وقنينات ماء لا داعي لها! أضع كل هذه التساؤلات أمام مسؤولي الشؤون الذين كرروا مرارا بأن العمل الخيري يقع تحت كامل رقابتهم. وأتمنى ألا يكون مصير ما تبقى من رصيد «فزعة للكويت» نفس مصير الملايين الثلاثة، التي ضاع أغلبها هباء، وربما حدث ذلك قصدا بعد أن حُرم القائمون على الحملة من حلوى الـ 12.5 في المئة. وللعلم، فقد قمت بنقل تساؤلاتي عن الطريقة التي تم بها انفاق الملايين الثلاثة لأحد «كبار العاملين» في الحملة، فوعد بنقل شكوكي، وهذا ما تم بالفعل، وحثهم على توخي منتهى الشفافية في عمليات الشراء، فلم يعلّق أحد على ملاحظاته، لا بتأييدها والاستجابة لها، ولا بتكذيب ما نقله على لساني من عدم الشفافية لديهم. وهذا ما يؤكد شكوكي. 

* * *

منذ سنوات وأنا اسمع من أكثر من صديق وقريب، وحتى محب وناصح غريب، بأن عليّ توخي الحيطة والحذر بعد أن زادت حدة انتقادي للجماعات الدينية المسيسة، التي لا تسيطر فقط على بعض أكبر الجمعيات، بل وعلى أنشطة حكومية قوية ومتعددة ومتشعبة وعلى مفاصل كثيرة في الدولة، وانتقادي «قد» يضعفها، أو على الأقل يقلل من «استغلالها» للوضع إلى أقصى درجة، خصوصاً ان ما يسيطرون عليه من مال قد يبرر لبعضهم اللجوء لتصرفات تتصف بالحمق. وقد اضطررت في مرحلة سابقة لوضع نقطة حراسة أمام بيتي خوفا من قيام أي جاهل متهور بالاعتداء عليّ. كما سبق ان أبلغت حينها المباحث الجنائية بما تلقيت من تهديدات على الهاتف، ولكن لم يتم الاستدلال على المرسل، وكان ذلك قبل تطبيق قوانين المرئي والمسموع! وحيث إنه لا نية لدي للتنازل عن حق انتقاد تصرفات القائمين على العمل الخيري، الذي أنا جزء منه، فإنني أعلن، من خلال هذا المقال، عن تحميل «الفئة الباغية»، في الجمعيات الدينية المسيسة، التي طالما اشتهر تنظيمها الدولي باللجوء للعنف لتصفية المناوئين له، بالمسؤولية عن أي ضرر يصيبني. فهل وصلت الرسالة؟

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top