سيب وأنا أسيب!

عنوان المقال هو تعبير مصري يستخدم عندما يتعارك اثنان، ويمسك بعضهما بخناق بعض، ولا يبدو أن الغلبة ستكون لأي منهما، هنا يقول أحدهما: سيب وأنا أسيب!

* * *

كتب البعض وغرد آخرون، وجميعهم لا يستحقون حتى ذكر أسمائهم، طالبين، بإلحاح وتكرار غريبين، أن أبين أين تذهب أموال «الخمس» التي تجمعها الجمعيات الشيعية؟ كما اتهمني هؤلاء وغيرهم، أياً كانوا، بأنني نعتهم بالطائفية وإثارة النعرات، كما طالبوا في مقالاتهم بمراقبة طريقة صرف ملايين الخُمس! لا شك أن هذا الاتهام ليس فقط سخيفاً ولا يستند إلى أي دليل، بل العكس هو الصحيح، فأنا لم أكتفِ بعدم منع غيري من التساؤل عن مصير أموال الخُمس، بل شاركت كل متسائل شكوكه عبر الكثير من المقالات، وعن مصدر أموال الخمس وأين تصرف، ولماذا لا نجد لها أي مردود واضح على أرض الواقع في الأماكن التي تذهب لها، كمستشفيات جيدة أو جامعات متقدمة، أو حتى دورات مياه نظيفة.. هذا أولاً. أما ثانياً، فإنني أصلاً لا أُحسب على جماعة الخُمس ولا السدس، ولا أنتمي لها ولا أضع عمامة سنية أو شيعية على رأسي، ولا أعرف، حقاً وصدقاً، من يدفع الخُمس ولمن يُدفع وأين تُصرف تلك الأموال، بخلاف ما أسمع ويسمعون، وبالتالي لا أدري لمَ اختار هؤلاء المفترون شخصي لسؤاله عن أمر لا علاقة لي به، منذ ستين عاماً أو أكثر؟ وهناك احتمالان، إما إن هناك أموالاً تُجمع وتُرسل إلى جهات خارجية، وإما لا. فإن كان هناك شيء من هذا القبيل فإن عليهم، كإخوان مسلمين أو أدوات لهم، ويشاركونهم المخدع نفسه، الطلب من ممثليهم في البرلمان تحريك أدواتهم الدستورية، ومساءلة الجهات المعنية، وليس توجيه تساؤلاتهم واتهاماتهم السخيفة إلى شخص مثلي، لا يملك غير قلم وزاوية؟

* * *

وعلى فرض أنني أقوم يومياً بالطعن في العمل الخيري، متهماً إياه بالإرهاب، ومطالباً (الحكومة) بالتضييق عليه، وهذا كذب وافتراء ما بعده افتراء، إلا أنني سأفترض صحته، فبالتالي أتساءل: لماذا لا يقوم هؤلاء «الإخوانجية» بالذات «بقص الحق من أنفسهم» والطلب من جمعية خيرية واحدة، من عشرات الجمعيات التي يديرونها، الكشف عن سجلاتها ونشر بياناتها المالية ومصادر أموالها ومصارفها، لكي يستحي الجانب الآخر «الشيعي» من نفسه، ويقوم هو أيضاً بنشر ما لديه من تقارير مالية، تطبيقاً لمقولة: سيب وأنا أسيب؟!

* * *

لقد شطح الخيال كثيراً بالمطبلين لمشروع «فزعة للكويت»، وكيف أن العالم شهد للعمل الخيري بالنزاهة، وتناسوا أن السيدة وزيرة الشؤون «اضطرت» لتكليف هيئة النزاهة، أو هيئة مكافحة الفساد لمراقبة حملة «فزعة للكويت»، وهذه سابقة! وسبب ذلك يعود إلى شكها أو خوفها من ألا يتم التصرُّف في ما سيجمع بطريقة سليمة، فهل لدى «الإخوان» تفسير آخر؟! ففي تغريدة للحاج طارق السويدان، غرد بها لبث الحماس في نفوس المواطنين، للتبرع لحملة «فزعة للكويت» ذكر حرفياً: من أجل كل عامل فقد قوت يومه.. وكل أسرة تعاني نفقة يومها.. وكل مريض لم يستطع شراء دوائه.. لكل هؤلاء نقول: نحن معكم. 

* * *

طبعاً كل هذا كلام لا معنى له، ولا علاقة له بالواقع، فلو خصص كل ما جرى جمعه لإطعام كل عامل فقد قوت يومه، وكل أسرة من دون نفقة، وكل مريض، لما بقي فلس من رصيد صندوق «فزعة للكويت» بعد أقل من شهر، هذا غير حاجة هؤلاء للكساء والإيجار وغير ذلك الكثير. لا أدري إلى متى يستمر هذا «الكلك»؟

* * *

ملاحظة: أثبتت جمعية الصداقة الكويتية الإنسانية أنها الجهة الخيرية الوحيدة، حتى الآن، التي مدت يدها لمئات الأسر المحتاجة، بصرف النظر عن جنسياتها أو انتماءاتها، وصرفت لها أموالاً نقدية، بدلاً من إعطائهم قواطي معجون وعلب فول. ومن حق كل من يشكك بجهود الجمعية التفضل بزيارة مكاتبها والاطلاع على الأعمال البطولية لفريقها التطوعي.

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top