علمانية الغامدي

ثلاثون عاما، على الأقل، وأنا أطالب بتطبيق مبادئ الدولة العلمانية، فليس هناك من طريقة صحيحة للفكاك من قيود التطرف والطائفية بغير اتباعها. كان القس الجنوب أفريقي دزموند توتو يقول، في أوج الصراع العنصري في بلاده، «ان حكم الأقلية البيضاء سينتهي عاجلاً أم آجلاً، فلمَ لا ينهون الصراع بأسرع وقت لإنقاذ حياة آلاف الضحايا، ومليارات الدولارات من الخسائر»؟! نعيد ونقول: لماذا لا نعجل بتطبيق العلمانية، فنختصر مسافات طويلة تفصلنا عن الشعوب المتقدمة والمتسامحة الأخرى، بدلاً من التورط في كل هذا التخلف، والتخبط في كل هذا الجهل، علما بأن العلمانية قادمة لا محالة، شاء المتخلفون أم أبوا؟ يحرص الكثيرون، عندما يلتقون بشخص ما، على معرفة شيء عن خلفيته الدينية أو أصله ومذهبه قبل فتح أي حديث معه، خوفاً من دخول مناطق محظورة، وهذا ما لا تجد ما يماثله في الدول الغربية، من واقع تجربة شخصية طويلة. والغرض من أسئلة الأصل والفصل والعرق تتعلق بغرض تحديد الموقف من ذلك الشخص أو الغريب، من دون الاهتمام مثلاً بحقيقة ما أنجز أو قدم لمجتمعه. وفي السياق نفسه، لا نكترث كثيرا لمعرفة دين ومذهب من تفضل علينا بكل ما نتمتع به من منتجات حضارة العصر وأدويته وأمصاله وأفضاله الثقافية والعلمية الأخرى. قد تكون العلمانية غير متوائمة مع دين بعينه، لكنها حتماً مع الأديان كلها في المجتمع الواحد، ولا يوجد اليوم مجتمع تقتصر ديانة أهله على عقيدة واحدة، فالكل بحاجة للكل، وبالتالي فإن العلماني مهما زاد تطرفه العلماني يبقى على غير استعداد لقتل الآخر لاختلافه بسبب الاختلاف في العقيدة، فهو يكن الاحترام نفسه لكل الأديان، حتى وإن اعتقد بداخله أن دينه أفضل. وقد طال بمؤيدي الديموقراطية الانتظار أو العمر ليسمعوا «أحمد الغامدي»، أحد كبار رجال الدين السعوديين، يقول: ..العلمانية لا تتعلق بالدين، ولا تتناول الدين، يعني لا يرغبه ولا يرهبه، وإنها طريق لسياسة الناس والحفاظ على حقوقهم. فهي نوع من آليات التعامل مع حقوق المواطن والوطن، تحفظ حقوق أياً كان دينه، وأياً كان مذهبه، داخل ذلك الدين، دون المساس بدينه، وأن هناك جوانب متفق عليها بين أتباع جميع الأديان كتحريم القتل والسرقة، وتبقى هناك مساحة لأصحاب الأديان في الاختيارات الخاصة بهم، والتي يجب على الدولة عدم التدخل بها إلا بالقدر الذي يحمي أتباع أي دين أو مذهب. وبالتالي لا أجد في مهاجمة العلمانية أي مبرر أو أصل، فالعلمانية هي تنظيم أو آلية للحفاظ على حقوق المواطن والحاكم، وهي ليست أمراً يستحق الخلاف عليه، وتم تشويهها بشكل كبير. وللراغبين في الاستماع له فتح الرابط التالي: https://www.instagram.com/tv/b8s_fx8fnk4/?igshid=1cluah6teshtf أحمد الصراف

  a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top