نفط الأستاذ خميس نجم

كان المرحوم الأستاذ خميس نجم، مدرس اللغة الإنكليزية في مدرسة الصديق، دائم السخرية منا في الفصل. وكنا نغيظه عندما ينتهز أحد الطلبة انشغاله بالسبورة، ليقوم بنطق كلمة «نفط» بصوت عال! كان ذلك يحزنه، ويخرجه عن طوره أحياناً، فيطلق تمنياته بانتهاء النفط، ليرى حينها ما سيحدث لنا، ولكنه لم يعش بما يكفي ليرى تحقق طلبه، بل استفاد من بقاء النفط في قوته، بعد أن حصل على الجنسية، وعاش بيننا بقية حياته، معززا مكرما! تذكرت أمنيات المرحوم وأنا أقرأ ما صدر عن بنوك عالمية وعن صندوق النقد الدولي قبل أيام من تحذيرات ومن ضرورة عدم اعتمادنا الكامل على إيرادات النفط، وضرورة القيام بإصلاحات مؤلمة قبل ان تبدأ ثرواتنا بالتلاشي أمام أعيننا خلال عقد ونصف من الزمن، مع تراجع الطلب العالمي عليه وانخفاض سعره. وبالتالي ليس أمام دولنا غير تسريع وتيرة الإصلاحات الاقتصادية تجنبا لأن نصبح دولا «مفلسة»، ووقف الهدر وملاحقة سراق المال العام، واستعادة الأموال المسروقة، وتسريع وتيرة محاكمة المختلسين والمزورين، وإجراء إصلاحات ضرورية و«مؤلمة» في أنظمة الرواتب والدعوم، ووقف العبث الحالي المتمثل بمطالبات إسقاط قروض المواطنين، ولتنفيذ كل ذلك يتطلب الأمر وضعه بصورة ملزمة في برنامج الحكومة، والعمل به. وفي هذا الصدد كتب الزميل فاخر سلطان في الشفاف، 5/2/2020، بأن الحكومة قبل ٢٠١٠ كانت قادرة، وبشكل كبير، على إخفاء الأرقام والمعلومات والوثائق المتعلقة بالفساد، كما كانت قادرة أيضا على السيطرة على الأوضاع العامة، من سياسية واقتصادية واجتماعية، وعلى تحويل ظروف الفساد إلى ما يمكن أن يسمّى «بالهدوء السياسي»، ولم يكن للعامل الخارجي دور في التأثير في هذه الظروف، إضافة إلى ضعف القوى الداخلية. ولكن مع ارتفاع صوت المعارضة، واستمرار ضعف الاقتصاد، وضعف القدرة على التحكم به، ودخولنا في عصر العولمة وانتشار استخدام وسائل التواصل، إضافة إلى زيادة نفوذ قوى الضغط العالمية، والشعور بضرورة الاستجابة لمتطلباتها، كل ذلك قلل من هيبة الحكومة، ومن قدرتها على قبول التحديات، وهذا ما رأيناه في الحكومات السابقة وعجزها عن مواجهة أي استجواب، ضعيف كان أم سخيف، ولذا نطالب سمو الرئيس باستمرار تعامل حكومته بجدية وحزم مع ملفات الفساد، وأن يصبح ذلك من أولوياتها.

***

يقول المفكر الفرنسي فكتور هوغو: حين تُعيق مجرى الدم في الشريان تكون السكتة، وحين تُعيق مجرى الماء في النهر يكون الفيضان، وحين تُعيق مستقبل شعب تكون الثورة. ونحن في الكويت أبعد ما نكون عن الثورة، فالأمور لا تزال تحت السيطرة وما على الحكومة غير أخذ زمام المبادرة، وحل مجلس الأمة لسنة أو سنتين، والقيام بكل الإصلاحات المطلوبة بأسرع ما يمكن، قبل أن تفلت الأمور من يدها.

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top