لا أمل..!! (1 ــ 2)

كيف يمكن للكويت أن تتقدّم في مجال الصناعة والزراعة والتجارة؟ كيف يمكن أن تتقدّم في مؤشرات الشفافية واتباع قواعد الحوكمة؟ كيف يمكن أن تصبح دولة لها احترامها وسمعتها عالميا؟ كيف يمكن أن يصبح جواز السفر الكويتي الأفضل عالميا، ويرحب بحامله أينما ذهب؟ كيف يمكن أن تصبح الكويت دولة مسالمة خالية من بؤر الإرهاب والإرهابيين؟ كيف يمكن أن يصبح الكويتي مبدعا ومنتجا لا يعرف الفساد، ويحافظ على المال العام، صادقا في تعاملاته، شريفا في تعهداته، بارا بوعوده ومواثيقه؟ هل يمكن أن يتحقق ذلك بزيادة الإنجاب، ومنح كل طفل جديد علاوة 50 دينارا، ومبلغا مماثلا لا يدفع له، ويتم الاحتفاظ به حتى يبلغ الثامنة عشرة، كما اقترح أحد العباقرة النواب؟!! أو يمكن تحقيق كل الأحلام أعلاه بمضاعفة إنتاجنا من النفط، وبالتالي زيادة دخلنا؟ أم ان علينا زيادة عدد السكان بتسريع عملية التجنيس؟ لا أموال الدنيا ولا كل العوامل أعلاه وأكثر منها يمكن أن يتحقق من ورائها شيء طالما بقينا على جهلنا وتخلّفنا الحالي الذي تمكن مشاهدة مظاهره في أكثر من صورة وشكل ومكان! هذا التخلّف لا يمكن القضاء أو التغّلب عليه بغير العلم والتعليم المدرسي المميز. فالعالم بأسره تقريبا يعيش ثورة معرفية يبدو جليا أن لا علاقة لنا بها، ويتضح ذلك من قائمة اهتمامات وأولويات حكوماتنا ومجالسنا النيابية المتردية المستوى. يأتي وزير تربية ويذهب، ويأتي مسؤول تعليم ويرحل، ويبقى التخلّف والتردي في المناهج وفي أساليب التدريس والمستوى الخرب لغالبية المدرسين المسيّسين كما هو، على الرغم من صرف المليارات على الرواتب والخطط والبرامج وعدم تطبيق شيء منها، ليزداد التخلف عمقا مع زيادة أعداد الطلبة واكتظاظ الفصول الدراسية واستمرار انحدار مستوى المعلم وبقاء المناهج كما هي مع تغيّرات طفيفة هنا وهناك. حتى الوزراء الذين وصفوا يوما بالليبراليين لم يحاولوا فعل شيء، بل وزاد الوضع سوءا بموافقتهم الضمنية على قانون منع الاختلاط في التعليم، القانون الأكثر رجعية وضررا في تاريخ التعليم، الذي مهّد الطريق لسيطرة قوى التخلّف والإرهاب على المناهج. إن التعليم العصري لا يتعلّق بالمعرفة، التي أصبحت آليا طوع بناننا وفي جيب كل طفل وكهل منا، بل في كيفية البحث عن المعرفة والاستفادة منها، وخلق الابتكار عن طريقها، وتنمية مهارات التلميذ وبث روح الفضول فيه، من خلال إطلاق الطاقات الكامنة بداخله، ودفعه للتساؤل بدلا من الإيمان بـ«مسلّمات الأمور» من دون نقاش، كل ذلك بموازاة تشجيع التعليم الحرفي والمهني في ضوء النقص الخطير في أعداد العمال والفنيين المهرة؛ كالنجارين والسبّاكين ومعلمي اللحام تحت الماء، وكهربائيي المصافي ومئات آلاف الوظائف الفنية الأخرى. يقول إبراهام لنكولن: إن الفلسفة المتبعة في الفصول الدراسية اليوم ستكون الفلسفة التي ستحكم الأجيال التالية. 

وإلى مقال الغد.

أحمد الصراف 



الارشيف

Back to Top