السكر الذي غيّر وجه التاريخ

هناك 3 أنواع من السكر: السكر النباتي المعالج كيميائيا وتضاف له مادة مبيضة، ومنه نوع اسمر أقل سمية، ويستخدم لتحلية الأطعمة. وهناك سكر يستخلص من نباتات غير القصب والشمندر والبطاطا والفواكه. وهناك سكر صناعي للتحلية وثبت علميا ضرره على الصحة. وهناك سكر بشري يسمى «فيصل خاجة»، المعروف بسكّر، والذي دأب على تحلية أمسياتنا بجميل اختياراته في مركز جابر الثقافي. ينتمي السكر، بكل فئاته، عدا السكرين، لفئة الكربوهيدرات. ووجد تاريخيا في المناطق الآسيوية الحارة، ولم يكن متاحا للعامة. كما لم يكن العالم الغربي يعرفه، حيث كان يعتمد على العسل ومواد أخرى للتحلية، ثم نقل المستعمرون نبتته إلى أميركا، وجزر الهند الغربية، وتوسعت زراعته في القرن الثامن عشر مع إنشاء مزارع قصب السكر في كوبا والبرازيل وغيرها، وكان لانتقال زراعته بشكل واسع في الغرب أثر في تغيير مجرى التاريخ البشري في نواح كثيرة، فقد تطلبت الحاجة لأيد عاملة قوية ومجانية للعمل في مزارع السكر الشاسعة لاسترقاق الملايين من افريقيا وجلبهم للعمل فيها. ينتج العالم سنويا ما يقارب الـ200 مليون طن من السكر، ويتفاوت استهلاك الفرد منه من مجتمع لآخر، والشخص العادي، غير المصاب بالسكري، يستهلك حوالي 25 كلغ من السكر سنويّا. ومن الأمور المزعجة، التي لا خلاف عليها، أن كل الأغذية لها فائدة إلا السكر، فإنه وكل المحليات الأخرى بما فيها العسل، لا فائدة غذائية حقيقية لها، هذا إذا كانت موادها طبيعية وغير ضارة، فالسكر، بالرغم مما يضيفه من طعم جميل للطعام، إلا أنه مضر ولا يقل ضرره، بنظري، عن المخدرات وتدخين السجائر والاسراف في تناول الكحوليات. ومن منطلق حرص الكثير من الحكومات على صحة مواطنيها من السكر، ومنها السعودية، فقد قامت سلطاتها قبل بضعة أشهر بالاستعداد لتطبيق نظام ضريبي انتقائي حديث، وجعلت الأول من ديسمبر الجاري بداية لفرض الضريبة العالية على مختلف منتجات التبغ ومشتقاته ومشروبات الطاقة والغازية. كما شمل القرار كلا من المشروبات المحلاة، وأدوات التدخين الإلكترونية والسوائل المستخدمة فيها بنسبة %50 و%100 على التوالي. وبحسب الهيئة العامة للزكاة والدخل، فإن المشروبات المحلاة يقصد بها أي منتج يضاف إليه مصدر من مصادر السكر أو محليات أخرى يتم إنتاجها بغرض التناول كمشروب، سواء كان جاهزاً للشرب أو مركزات أو مساحيق أو الجل أو المستحضرات أو أي صورة يمكن تحويلها إلى مشروب. volume 0% this ad will end in 30 وأكدت الهيئة أن المشروبات غير الخاضعة للضريبة الانتقائية وفقاً لتعريف المشروبات المحلاة هي العصائر الطبيعية %100 التي لم يضف لها السكر أو محليات أخرى، والحليب والألبان ومنتجاتها، والمشروبات والمركزات المخصصة للاستخدامات التغذوية والطبية الخاصة، بالإضافة إلى المشروبات البديلة للحليب وغيرها. إن فرض ضريبة انتقائية قدرها %100 على منتجات التبغ ومشروبات الطاقة، و50% في المئة على المشروبات الغازية، وكذلك على أجهزة وأدوات التدخين الإلكترونية، لن يساهم فقط في الحد من استهلاكها، ورفع مستوى الوعي الصحي للمواطن والمقيم، بل ستشكل الضريبة المحصلة دخلا كبيرا لموازنة الدولة. وبالرغم من أن السعودية فرضت هذه الضريبة تطبيقا لاتفاقية ضمن دول مجلس التعاون، فان الكويت لم تفكر حتى هذه اللحظة في دراسة الفكرة. إن استهلاك السكر والعسل المغشوش في الكويت بازدياد مرعب، ونسبة المصابين بأمراض السكر لدينا هي الأعلى في العالم، وأجهزة الدولة عاجزة عن القيام بشيء، ومجلس الأمة مشغول بالأمور الأقل أهمية، فهل من عاقل في وزارتي الصحة والمالية يسعى لفرض هذه الضريبة الأكثر من مستعجلة؟

أحمد الصراف 



الارشيف

Back to Top