بقالات مكاوي وتجار الرقيق

يتساءل القارئ أبو عصام مكّاوي: هل البقّالات المتنقّلة مرخّصة، وهل يجري التفتيش على ما تبيع من مواد استهلاكية؟ ولماذا تبقى مفتوحة حتى ساعات الفجر؟ ولماذا تحول بعضها لاستراحات ومقاه وشبه سوبرماركت؟ ويستطرد أبو عصام متسائلا بألم: لماذا يسمح الأهل لأبنائهم بالسهر، فينامون في النهار ويصحون في الليل؟ هذا خطر وخطأ في آن واحد! فقد صار العديد من الأبناء ينامون في صفّهم المدرسي، ينامون ومدرّسهم يشرح، المدرّس يصحّيهم لكنه يعود للنوم على مقعده الدراسي.. إنها مأساة حقيقية. فالوضع الطبيعي في العالم أجمع، عدا دولنا، أن جميع الطلبة ينامون مبكرا، ويستيقظون مبكرا، وبالتالي يجب التقليل تدريجيا مع تقدم الليل من قوة إضاءة أعمدة الإنارة، وعددها، لأنها تجلب الحشرات الضارة، وتدفع الأولاد للسهّر، فيخسرون كل شيء تقريبا! وهل ما تبيعه هذه البقالات المشبوهة المتناثرة وسط الصحراء وعلى الأطراف آمن ومناسب لصحة الإنسان المستهلك؟ وماذا عن المواد المغشوشة، والمسمومة والمنتهية الصلاحية أو التي بولغ بسعرها بشكل كبير؟ وماذا عن صحة من يبيع في هذه البقالات، وكل الشرور الأخرى، خصوصا أن غالبيتها تقع في مناطق نائية لا يرغب المراقب عموما في الوصول لها؟ كما أن بعضها يقوم ببيع مواد محظور تداولها كالألعاب النارية وغيرها الكثير. هذا غير ما يمثله وجودها من عمالة زائدة ومن متاجرة بالبشر. فقد ذهبت قبل أيام لمجمع كبير في شارع ابن خلدون وهالني ما رأيته داخل المجمع! عشرات (دون مبالغة) من مكاتب جلب العمالة التي يقع بعضها بجانب بعض، والتي تنتظر الزبون لتنهشه بمبلغ يقارب 1500 دينار مقابل الحصول على خادمة هو في أمس الحاجة لها، والتي قام «مواطن» بجلبها من وطنها ليتاجر بها، كأي سلعة أخرى، علنا! تجولت في المنطقة وصدمت من عدد مكاتب جلب الخدم المنتشرة في كل مجمع ودور وعمارة، وجميعها تستفيد من غياب الرقابة وسهولة الحصول على الترخيص. ولو قدرنا عدد هذه المكاتب في الكويت بسبعمئة تقريبا، وهو رقم قريب من الحقيقة، لوجدنا ان كلا منها قام بجلب عمالة من الخارج لحاجته، بصفة مدير الشركة، وآخر محاسب وثالث مندوب جوازات ورابع سكرتير وخامس فراش.. وهكذا.. وكل هؤلاء لا حاجة لهم لو كانت هناك نية أو قدرة على تفعيل عمل شركة الدرة لجلب العمالة، التي أصبحت كبيض طائر «الصعو» البالغ الصغر، الذي نسمع به ولا نراه! ولا أدري حقيقة سبب فشل مشروع شركة الدرة، وتكالب الكثيرين على إدارته؟ ما يحدث من هذه المكاتب وفيها جريمة بحق الوطن والبشر. وقد قمت بواجبي واتصلت بالسيد المدير العام لهيئة القوى العاملة، الذي تبرع مشكورا بإرسال من قام بمخالفة عدد من المكاتب، بناء على شكوى رسمية مني، ولكن الهيئة لا تستطيع فعل الكثير منفردة، ولا وضع حد لهذا الوضع المزري والمخجل، ربما لأن الحكومة، أو فلسفتها، تهدف لتشجيع بقاء الوضع الخرب على ما هو عليه، لكي يكسب التجار وأصحاب العقار، أو أنها عاجزة عن التصدي للمتاجرين بالبشر! إن الكويت ليست بحاجة لسبعمئة مكتب عمالة يعمل بها رسميا أكثر من 4000 موظف وعامل، كما هي بغير حاجة لعشرات ورش وكراجات تصليح عوادم (اكزوزات) السيارات.. ولكن من يود سماع صوتنا؟

 أحمد الصراف 

الارشيف

Back to Top