الكويت ولازاريفا

اعتقلت السلطات الروسية 2009 محاسب الضرائب سيرجي ماغنيتسكي بعد محاولته كشف قيام جهات بعمليات تحايل ضريبية بلغت 230 مليون دولار. أصيب ماغنيتسكي أثناء اعتقاله بالحصاة الصفراوية والتهاب البنكرياس والتهاب المرارة، وربما بسببِ ظروفه الصحية، ورفضَه تلقي العلاج الطبي لعدّة أشهر احتجاجًا على ما تعرض له من تعسُّف، توفي في السجن بعد عام من اعتقاله. قام بيل برودر، صديق ماغنيتسكي، والشخصية الأميركية البارزة بنشرَ قضيته، وقام بالضغط على المشرعين لتمرير تشريع يفرضُ عقوبات على الأفراد المتورطين في عمليات فساد. تكللت جهوده بالنجاح حيث صدر في نوفمبر 2012 قانون يهدف لمعاقبة مسؤولين روس. وفي عام 2016 وسّع الكونغرس من بنود القانون بحيث بات يسمحُ لحكومة الولايات المتحدة معاقبة المسؤولين الحكوميين الأجانب المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان في أي مكان في العالم بعدما كانَ يتعلق بروسيا فقط. ومن هذا المنطلق دعا ثلاثة من أعضاء الكونغرس حكومتهم إلى إجراء تحقيق فيما إذا كان ينبغي فرض عقوبات على عدد من المسؤولين الكويتيين لتورطهم في قضية طال أمدها تتعلق بسجن مسؤولين سابقين في شركة مساهمة كويتية وصندوق استثماري. وركزت رسائل الكونغرس على احتمال انتهاك حقوق الإنسان من خلال احتجاز سيدة الأعمال الروسية ماريا لازاريفا بتهم قد لا تكون حقيقية، وأن الولايات المتحدة «يجب ألا تتسامح مع هذا السلوك من حليف موثوق به، كالكويت». ونحن نتفق هنا مع النفي الذي صدر من وزارة الخارجية الكويتية الذي أكد عدم قضايا في الكونغرس ضد الكويت حالياً، لكن الاحتمال وارد بقوة. وفتح التحقيق في هذه القضية يعني تلقائيا تأثرنا سلبا، دولة ومسؤولين. وبالتالي يجب عدم التصرف مع هذه القضية بخفة، بل من المهم تكليف جهات قانونية للدفاع عن حق الكويت، ونظامها القضائي ضد أي اتهامات، خاصة أن مواد هذا القانون سبق أن جرت الاستعانة بها في إدانة مسؤولين في دول عدة ومنهم متهمون في قضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي في إسطنبول قبل بضعة أشهر. إننا مطالبون بالتحرك سريعاً لوضع حد لهذه القضية الشائكة، بعد تراجع أطراف عن سابق مواقفهم أو شهاداتهم، تحديد مدى مسؤولية كل طرف، وإظهار الحقيقة وتحديد طبيعة الاتهامات الموجهة لكل طرف، خاصة أن خيوطها تزداد تعقيداً يوماً عن يوماً، ولا يزال أحد أطرافها قابعاً في السجن، ربما دون ذنب. نعيد ونكرر بأن ما يهمنا هنا هو حماية سمعة الكويت من اي إساءة، وحماية حقوق كل أطراف القضية وحقهم في محاكمة عادلة، والتيقن من عدم أي تعسف في استخدام القانون، وألا تستهين وزارة الخارجية بالأمر وبما يجري في كواليس الكونغرس، فمن الضروري الاستعداد للأمر وتعيين محامين للدفاع عن حقوق الدولة ووجهة نظرها، وقبل ان يصبح متأخرا فعل شيء.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top