«البيبسي» وحرير حفيدة صدام

كتب الصحافي فاضل النشمي نبذة عن كتاب صدر مؤخرا، تحت عنوان «حفيدة صدام»، بقلم حرير حسين كامل، أو ربما بقلم غيرها، والذي تضمن مدحا لوالدها ولجدها، والأخير هو الذي غدر بالأول وقتله، فيا لها من أسرة! مررت على ما كتبه النشمي سريعا، ولكن استوقفتني فقرة تقول فيها الكاتبة في الصفحة 10 إن جدها (صدام) كان لا يسمح لعائلته بشرب «البيبسي» أيام حقبة الحصار الاقتصادي، لأنه كان يعتقد أن من المعيب أن يمنع البيبسي عن الشعب العراقي، ثم يكون حاضراً على مائدته وأسرته! أعادتني الفقرة لأكثر من ثلاثين عاما، عندما كنت أتسوق بعض المواد النادرة من سوبر ماركت أنيق وصغير، كان يقع في الشعب البحري، وبجانب معرض «روش بوبوا» قبل أن يغلق الاثنان، ولسببين مختلفين. كان السوبر ماركت يُدار من عراقي أشوري لطيف المعشر. وكان يحرص على جلب أفضل المواد لمحله وأغلاها ثمنا. وكنت ألاحظ أن كميات الأطعمة الفاخرة والغالية الثمن، مثل الكافيار والسلمون، وحتى الآيس كريم الخاص، تفوق متطلبات سكان المنطقة بكثير، ولم يكن زبائن المحل بتلك الكثرة أصلا، فنادرا ما تجد من يتسوّق في محله، خاصة في السرداب، الذي كان صاحبه يعلق في صدره صورة كبيرة لصدام ببدلة أنيقة! توطدت صداقتي بصاحب المحل، خاصة بعد ان سهلت له أمورا مصرفية، وكنت اشتري منه سيجارا كوبيا بين الفترة والأخرى، حيث كان يحتفظ بكميات ضخمة من أفخر أنواعه، وكان ذلك مثار استغرابي. وعندما سألته يوما إن كان بالفعل يحقق أي ربح، مع وجود كل تلك الكمية من المواد الفاخرة والغالية الثمن، البطيئة الحركة والبيع أصلا، ابتسم ولم يُجب. وفي يوم، وبعد أن أصبحت أكثر قربا منه، ذكرني بسؤالي عن جدوى احتفاظه بكل تلك الكميات من المواد الغذائية الثمينة، وقال إنني سأحصل على إجابة شافية إن تواجدت في السوبر ماركت في التاسعة من مساء أحد الأيام. دفعني الفضول بالفعل للتواجد في الموعد، حيث وجدت سيارة شحن مغلقة صغيرة تحمل لوحات دبلوماسية تقف أمام المحل، وبداخلها رجلان، تشي ملامحهما، وشكل شاربيهما بانتمائهما الحزبي. دخل أحدهما المحل وبقي الثاني بجانب السيارة، وكأنه يراقب الطريق، وهنا تركت المكان وجلست في سيارتي بعيدا قليلا أراقب الوضع، رأيت أثناءها نقل كميات كبيرة من مختلف المواد تخرج من المحل وتوضع بعناية في الشاحنة الصغيرة المبردة. غادرت مكاني، وعدت لصاحبي الأشوري بعد يومين، وما ان رآني حتى ابتسم، وطلب مني بإشارة من يده ان اتبعه إلى السرداب، وهناك قال بصوت يشبه الهمس إن الشاحنة الصغيرة تعود للسفارة العراقية وإنها تأتي كل اسبوع وتشتري منه كل ما لذ وطاب من أطعمة ومواد، ولا سؤال عن الثمن، وأنه يعتقد أن جميعها كانت ترسل للرئيس الضرورة، صدام، على طائرة خاصة، للتمتع بملذات الحياة.. على حساب مجاعة الشعب العراقي.

* * *

ثم تأتي حرير حسين كامل، وتقول في مذكراتها إن جدها كان يرفض التمتع بشرب «البيبسي»، بعد أن حرم العراقيين من شربه.. هاي شلون ترهم؟

أحمد الصراف 



الارشيف

Back to Top