«تيش بريش» النائب المحترم

تأسّست الكويت قبل 300 سنة تقريبا، ولكنها خرجت إلى العالم مع استقلالها عن بريطانيا عام 1961. ومنذ ذلك التاريخ توالت إنجازات قياداتها، وفي وضع أسس الدولة العصرية من دواوين رسمية وسفارات ومجلس أمة منتخب مكوّن من 50 عضواً، وتأسيس عشرات الوزارات والمراكز والهيئات والأجهزة والمجالس التدريبية والرقابية.
كما تم تأسيس العديد من الهيئات المستقلة، وحرس وطني وشركة طيران وطنية. كما وفّرت الدولة الخدمات الصحية للمقيم وللمواطن، وقامت بإرسال من يحتاج للعلاج منهم إلى الخارج، ضمن ضوابط معينة، وتأسست جامعة الكويت وانخرط عشرات الآلاف للدراسة فيها، وابتعث من يماثلهم للدراسة في جامعات ومعاهد علمية اخرى في الداخل والخارج. كما تم تأسيس جيش حديث مزوّد بأفضل الأسلحة وفتح كليات ومعاهد عسكرية في الداخلية والدفاع والحرس الوطني لتأهيل الكوادر العسكرية، ووضعت ضوابط اختيار صارمة لدخول مثل هذه الكليات والمعاهد. كما تم إنشاء معهد دبلوماسي يخضع الالتحاق به لشروط، ليس من السهل تجاوزها لمن لا يمتلك الكفاءة اللازمة، وسبق كل ذلك تأسيس ديوان الموظفين، الذي أصبح لاحقا ديوان الخدمة المدنية؛ ليقوم باختيار المرشحين المناسبين للعمل في مختلف الجهات الحكومة، حسب اختصاص كل طالب وظيفة وما يتوافر من شواغر وظيفية. كما لم تبخل الدولة في الاهتمام بمورد الدخل الرئيسي والوحيد للبلاد، وهو النفط، حيث نال جل اهتمامها، وبالتالي كانت حريصة جدا في اختيار من يدير هذا المورد ومن يدير ارصدة الأجيال القادمة، واستثمارات الدولة في الخارج.
كما أسست الحكومة ديوان المحاسبة لغرض الرقابة على مالية كل أجهزة الدولة، وطرق الصرف، ودعمت عمله بتأسيس جهاز المراقبين الماليين ليقوم بالرقابة المسبقة على مصروفات الدولة، إلى آخر ذلك من أجهزة تعيين وتدريب ورقابة تنسجم مع رونق الدولة الحديثة وتكملها في أعين المراقبين محليا وخارجيا.
ثم يأتي بعد ذلك نائب في البرلمان ويجلس في خيمته ويخبر ضيوفه والحضور ويصرح أمام مختلف عدسات أجهزة الإعلام وكاميرات الهواتف النقالة، بأن قبيلته قد اختارت مرشّحها لخوض الانتخابات التكميلية القادمة، وأن الرأي قد استقر، من خلال انتخابات فرعية (يعلم انها مُجرّمة بحكم القانون) على مرشح محدد، ذكر اسمه. واستمر تبجّح العضو ليقول إنه يعمل كل ذلك، بالتعاون مع «زعيم القبيلة»، وذكر اسمه، وأخذ يعدد أفضاله على ابناء قبيلته وكيف نجح، بفضل من الله وفضله، (هكذا)، في تخريج عشرات العسكرين، وتوفق في إرسال ملحقين ثقافيين وعسكرين، وإدخال ضباط في الكليات العسكرية، وتوظيف العشرات في دوائر حكومية.. وكل هذا يعني أن كل الكلام الذي كتبته عن الدولة واجهزتها الرقابية ولجان اختيار الموظفين والعسكريين والدبلوماسيين، لا معنى له، وكل ما يتعلّق بأصول التعيين والترقية والاختيار «خرطي بخرطي»، وكل القواعد الأنظمة الإدارية، في عيون مثل هؤلاء النواب، وما اكثرهم، ما هي إلا «تيش بريش»، وكل ديموقراطية وأنتم بخير!
ملاحظة: في محاولة لاسترداد ما فقده من احترام، في لقاء أخير، قام نائب نحيس بالاعتراض على فعاليات “سوق المباركية”، فأستجابت الإعلام لطلبه! لا أدري إلى متى هذا الانغلاق، ومن الذي يحكم.. الحكومة أم النحيس؟

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top