هدهد سليمان

لطائر الهدهد مكانة في التراث الديني لا يحظى بها طائر آخر، وكان يتواجد في الكويت في الستينات، وفي مواسم معينة، خلال مروره مهاجراً إلى مناطق أخرى تتوافر فيها متطلباته من الطعام، وكانت رؤيتي له تعني الكثير، وكنت أود كثيراً اقتناءه، ولكني جاهل بطبيعته.
اسم الهدهد بالإنكليزية هو «هوبو بيرد»، صاحب العرف البني الفاتح اللون المميز والمرقط من أطرافه بالريش الأسود ونصفه الأسفل أسود مرقط بالريش الأبيض في نظام جميل، ويأتي بألوان مختلفة أخرى حسب موطنه، وهو من أصدقاء الفلاحين، لأنه ينظف الأرض من الديدان والآفات، ويعد وجوده علامة على نقاء البيئة من الحشرات، ولهذا تمنع دول الأوادم صيده، وهو أصلاً لا يصلح للأكل.
يعيش الهدهد بكثافة في المناطق الجنوبية والوسطى من آسيا وأوروبا، ويتواجد في أفريقيا بشكل كبير، وهو غير مستقر في مكان واحد، بل دائم التنقل والترحال بحثاً عن الغذاء، ولأن البيئة في الكويت أصبحت ملوثة بالفعل، والأكثر تلوثاً في منطقة الخليج برمتها، فقد قرر الهدهد عدم التوقف عندنا، ولا ألومه على موقفه السلبي منا.
ورد في موسوعة الطيور أن هذا الطائر يسكن في جحور الأشجار أو الفتحات الصخرية الضيقة، وحتى في المباني القديمة. وتجلس الأنثى من 12 إلى 15 يوماً على بيضها كفترة حضانة حتى يفقس. ويقال إن للهدهد قدرة على الكشف عن أماكن الماء تحت الأرض.
وبالرغم من ضآلة جسمه فإنه يتميز بسرعته الفائقة في الطيران والجري، ومن صفاته المميزة قدرته على إبعاد أي حيوان ضار أو مفترس عن عش صغاره عن طريق رش رذاذ أسود زيتي برائحة كريهة من غدة بقاعدة الذيل كافية لإبعاد أي متطفل، بل وحتى الصغار تستطيع ذلك إن أحست بالخطر.
يتناول الهدهد الأعشاب في البراري المفتوحة، ويفضل الحشرات كالديدان ويرقاتها اللينة التي يلتقطها من التراب وفتحات الصخور الضيقة باستخدام منقاره الطويل، كما يأكل الحيوانات الصغيرة كالسحالي والعضايا. وقد يأكل بمفرده أو مع أنثاه خلال فترة تربية الصغار، خصوصاً في فترات الربيع والصيف. وله صفة التملص من المطاردين الرئيسيين له كالباز والصقر والبوم وغيرها بواسطة الطيران السريع والمتميز فراراً منها، أو بواسطة عمل تمويه أرضي بواسطة عمل حمّام الرمل له ليتخفى منها، وهو من أكثر الطيور تعاوناً ومحبة للمساعدة، خصوصاً لأفراخ من أعشاش أخرى تابعة لأبناء جنسه.
وفي سعي لاقتناء هذا الطائر الجميل، وأنا في بداية مراهقتي، حملت بندقيتي يوماً، وذهبت للبحث عنه في المنطقة الزراعية القريبة من موقع السفارة الأميركية القديم على ساحل البحر. لم يطل بحثي كثيراً، حيث وجدت هدهداً يقف بين نباتات الطماطم.
زحفت نحوه بهدوء، وعندما اصبحت قريبا منه بما يكفي صوبت بندقيتي على رجليه، أو هكذا ظننت، وأطلقت النار فتطاير جسده الصغير وريشه في الهواء متحولاً الى قطع صغيرة متفحمة، فحزنت عليه وندمت على فعلتي، وكانت تلك أول وآخر مرة استخدم فيها تلك البندقية، وآخر عهدي بالصيد!

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top