الشيخ ناصر.. ستبقى الأمل

أكتب لكم، أو عنكم، للمرة الثالثة، وليس بيننا سابق معرفة، مع احترامي لشخصكم. كما أنكم لستم بحاجة لي، ولا أنا مضطر لتملقكم، فلدي كل ما أريد من الحياة، في هذا العمر.
سبق أن رحبت في رسالة تويتر قصيرة بعودتكم من رحلة العلاج، الذي لم يكتمل بعد، لكي تقوموا بواجب تقديم العزاء لذوي الطلبة الضباط، الذين توفوا أثناء التدريب، ولكي تشرفوا شخصياً على تشكيل وعمل لجنة تحقيق، بغية الوصول الى سبب تكرار وقوع الوفيات المؤسفة في كلية علي صباح السالم. وكان لافتاً اهتمامكم بإعادة فتح التحقيق بحالات الوفاة السابقة، على الحوادث الأخيرة، للطلبة الضباط. فما ورد في تقارير اللجان السابقة من أن الوفيات كانت طبيعية لم ترضِ بالطبع أحداً، ولم تخدم الحقيقة، فليس هناك وفاة طبيعية وأخرى غير طبيعية، فلكل حالة وفاة سبب طبي علمي يمكن معرفته بالتشريح، بصرف النظر عن عمر المتوفى، فقد يكون السبب هبوطاً شديداً في القلب وتوقفه عن العمل، أو نزيفاً داخلياً، أو اختناقاً، أو فشل أحد أعضاء الجسم الداخلية، كالكبد مثلا عن العمل.. وهكذا.
ولكن، وآه حرى من ولكن، فأنتم تعلمون أكثر من غيركم سوء تجاربنا، تاريخياً، مع لجان التحقيق، التي كانت تقاريرها غالباً ما يتم تجاهلها لبعدها عن الحقيقة، ولعدم جدية ما ورد فيها، وآخرها بالطبع التقرير الذي شككتم أنتم شخصياً في نتيجته وطالبتم بإعادة فتحه.
مصداقيتكم يا سيدنا الكريم ليست محل شك، ولا تزال تمثل بالنسبة لي على الأقل الأمل، ولكن موقفكم من هذا التحقيق سيمثل الكثير، ليس بالنسبة لذوي الضحايا الشهداء فقط، بل وأيضا لمجمل مسيرة الحقيقة في الكويت، ولما ستكون عليه لجان التحقيق مستقبلاً، ولمصداقية ما تشغلونه من منصب سياسي رفيع.
إن اللغط الذي يدور شديد، والإشاعات كثيرة، واتهامات التقصير طالت أسماء كبيرة، وسهام التشكيك وصلت الى رؤوس كبيرة، وسيكون هناك بالتالي من سيعمل لعرقلة التحقيق والتلاعب في النتيجة، خاصة أن هناك من يقول إن نواباً ومتنفذين كباراً تدخلوا أو توسطوا لقبول طلبة في الكلية، لا تنطبق عليهم جميعاً شروط القبول، وهذه بحد ذاتها جريمة لا يجوز التستر عليها، وبالتالي لا نتمنى أن يكون لغيابكم القسري تأثير سلبي على نتيجة التحقيق، في ظل تورط جهات عدة في القضية.
كما يتطلب الأمر توفير كل المعلومات للجنة التحقيق، ومطالبتها بالحزم والتزام المصداقية في عملها، واطلاعها على جميع المستندات والأوراق والملفات، وأن يكون لها الحق في الاستعانة بأي جهة كانت، واستدعاء أي مسؤول حالي أو سابق، كانت لهم، أو قد تكون لهم، صلة بهذه القضية الشديدة الألم والحساسية.
لجنة التحقيق ونتائجها ستكون مؤشراً على ما ستكون عليه كويت المستقبل، ونتمنى ألا يُخيب أملنا.. وأن يستمر الأمل ويبقى.
فمن أمنياتي قبل أن أموت، حتماً عن عمر طويل، بعد أن تجاوزت العمر القصير، أن أرى لجنة حكومية تخرج بقرارات سلمية، وتقوم السلطة التنفيذية بتطبيق توصياتها.. كاملة.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top