تنصير أطفال المسلمين

مع موجة الهجرة العربية المسلمة التي اجتاحت أوروبا وأميركا وكندا وغيرها، واجهت الكثير من الأسر المسلمة تغيراً في طبائع وتصرفات أبنائها، خصوصاً بين تلك التي ألحقت أبناءها بمدارس دينية كاثوليكية مجانية، وهي الأكثر انتشاراً في تلك الدول، مقارنة بغيرها، بسبب ما تملك من مال.
واشتكت تلك الأسر من أن أبناءها أصبحوا مسيحيين، رافضين مجاراة أهاليهم في الصلاة وفق الشريعة، بل وأصبحوا يرتدون صلباناً، ويضعون صوَر المسيح والعذراء في غرف نومهم.
وبناء على ذلك، قامت «هيئة علماء السنّة» في كندا بتقديم احتجاج رسمي لوزارة التربية الكندية ضد تصرفات المدارس الكاثوليكية، معتبرة أنها تعمل على تحويل الطلبة المسلمين إلى الدين المسيحي.
بعد تحقيق أجرته الحكومة، استمر ثلاثة أشهر، تبين أن الأطفال المعنيين بالأمر تحولوا برغبتهم إلى المسيحية واتبعوا طقوسها، على الرغم من أن المدرسة كانت تعطيهم الحق أو الحرية في البقاء أو ترك فصول الدروس الدينية، ولم تجبرهم أبداً على حضور القداس أو أداء الصلاة الكنسية، ولكنهم اختاروا، بملء إرادتهم، الوجود في الكنائس، وداوموا فيها، ومن بعدها طلبوا من الكنيسة تعميدهم كمسيحيين.
وورد في ذلك الخبر أن مئات آلاف المسلمين تحوّلوا في السنوات العشر الماضية إلى المسيحية في كندا وحدها، وأشك شخصياً في صحة هذه الادعاءات، ولا تستحق حتى الرد عليها.
وقالت وزارة التربية الكندية في ردها على هيئة علماء السنّة في كندا، إن على أولياء الأمور المسلمين الخائفين من تنصير أبنائهم عدم إرسالهم إلى المدارس الكاثوليكية إذا لم تكن لديهم ثقة فيها، فالوزارة، في سعيها وراء الحقيقة، لم تكتشف وجود أي ضغوط من إدارات هذه المدارس على الطلبة.
والحقيقة، إن صدق الخبر، وهو إلى حد ما صادق، هناك تخوف لدى أي أسرة مهاجرة، خصوصاً إن كانت ذات ثقافة محدودة، من أن يتأثر أبناؤها بثقافة أو دين الوطن الجديد الذي انتقلوا للعيش فيه، ولكن شكوى هيئة العلماء غريبة بالفعل. فموضوعها يتعلّق بأسر تصرّ على إرسال أبنائها للمدارس الكاثوليكية المجانية، ثم تشتكي من أن أبناءها تم تنصيرهم، وهذا يشبه وضع الأسر التي ترسل أبناءها طواعية للحرب، ثم تكتب عريضة للحكومة تحتج فيها على تعرض أبنائها للموت في تلك الحرب!
كما كشفت هذه القضية حقيقة الوضع البائس الذي تعيشه الجاليات المسلمة في الدول الغربية التي كانت تاريخياً الأسرع من غيرها في بناء دور العبادة، «الطائفية غالباً»، وتسوير وتعمير مقابرها الخاصة، ولكنها في الوقت نفسه تناست تماماً بناء المدارس والمعاهد، دع عنك الجامعات، وهذا تصرف متوقع منها، فهؤلاء الذين فشلوا في تشييدها في دولهم سيفشلون حتماً في القيام بذلك في غيرها، والسبب يعود ربما إلى قناعتهم بأن بناء دور العلم لا أجر من ورائه، حتى في أوطانهم، فكيف بالمهجر…؟! والآن هل تعلمون لماذا وصلنا إلى هذا الحضيض؟

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top