قصة صباح
مع التقدّم في العمر، أصبحت لا أميل الى قراءة الكتب الجادة والموسوعات. ولكن لسبب ما انكببت، قارئا ودارسا، لما ضمنه الصديق المهندس صباح الريس بين دفتي كتابه الموسوعي الممتع والمفيد «تاريخ الهندسة في الكويت، قصة وطن في سيرة ذاتية».مع التقدّم في العمر، أصبحت لا أميل الى قراءة الكتب الجادة والموسوعات. ولكن لسبب ما انكببت، قارئا ودارسا، لما ضمنه الصديق المهندس صباح الريس بين دفتي كتابه الموسوعي الممتع والمفيد «تاريخ الهندسة في الكويت، قصة وطن في سيرة ذاتية».قمت في البداية بالمرور سريعا على فصول الكتاب وقراءة فقرة هنا، وأخرى هناك. وقمت أيضا بطيّ طرف الصفحات التي أود العودة اليها ثانية وقراءتها بتمعّن أكبر، وعندما انتهيت من النظرة الأولى، وهذا استغرق يوم عمل كاملاً، اكتشفت أنني طويت أطراف نصف الكتاب تقريبا، من دون أن أشعر.على الرغم من أن المؤلف يكبرني سنا، فإن وتيرة الحياة في سني طفولتنا كانت بطيئة، والتغيّرات شبه معدومة، وبالتالي شعرت وانا أقلب في صفحات الكتاب، وكأنني أرافقه في كل خطوة، وأنه كان يمشي في سكيك وشوارع الكويت، ممسكا بيدي ونحن نطوي الطرقات طيا بخطواتنا، وهو يشرح لي تاريخ هذا البيت، أو قصة العمارة، أو ذلك القصر، أو تاريخ الشارع الجديد، وكيف بني قصر السيف، مرورا بتاريخ مساجد الكويت، وتاريخ بناء مدينة الأحمدي، وقصة مجلس الإنشاء، وخفايا التثمين، وحكاية خط التنظيم العام، الذي حفظ أراضي الكويت من السرقة، وأسرار المخطط الهيكلي، وكيف بدأت فكرة تخطيط المناطق السكنية خارج السور، ودور الجنرال هستيد، الذي سبق أن كتبت عنه، في تطور الكويت العمراني، والدور الحيوي للمهندس جورج سابا شبر، الذي تم تجاهل دوره الحيوي، وتجربة وعلاقة المؤلف مع كبار شخصيات الدولة، وانطباعاته عنهم، وتاريخ تصميم وبناء مطار الكويت، وصولا الى دور المؤلف في مختلف الهيئات الهندسية، محليا ودوليا، وما قام به أثناء عملية تحرير الوطن، وقبلها دراسته الجامعية، هذا بخلاف حكاياته الأسرية الحميمة، داعما كل ذلك بكم كبير من الجداول والارقام والرسوم البيانية والصور التوضيحية، التاريخية والشخصية والعائلية.لا أدري كم قضى المؤلف في كتابة وجمع معلومات الكتاب الضخم الذي يقع في أكثر من 660 صفحة، الفاخر الطباعة والإخراج، إلا أنني أشكره على عدم تكليفي مراجعته، كما كان يعتزم، فلربما كان سيتعبني ذلك كثيرا. ولا شك لدي في أن ما بذل من جهد في مراجعة الكتاب لم يكن قليلا ولا هيّنا، مع هفوات بسيطة هنا وهناك.كتاب تاريخ الهندسة في الكويت يستحق اقتناءه وقراءته بتمعن، فهو مفيد ومسلّ، ولا غنى عنه لمن يريد معرفة ما خفي وما علم من تاريخ الكويت، وخاصة في جانب لم يتطرّق إليه أحد من قبل، وهذا ما يجعل هذا المرجع فريدا من نوعه.وأتمنى ان تقوم وزارة الإعلام، والمجلس الوطني للفنون والآداب ووزارة الخارجية بشراء نسخ من هذا الكتاب المشرّف والقيّم، وتوزيعها على مكاتب الدولة ومكتباتها وسفاراتنا، وبعثاتنا الدبلوماسية في الخارج، وسفارات الدول العربية في الكويت، والحرص على إهدائه لضيوف الدولة. وبهذه المناسبة سيقام في السابعة من مساء اليوم، حفل تدشين وتوقيع الكتاب في معرض gallery hub الواقع على شارع الخليج العربي، بجانب المستشفى الأميري.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top