قرارات برلمانية حكومية مشبوهة دستورياً

تعقيباً على ما تم نشره في جريدة القبس الإلكترونية، بشأن منح بعض أعضاء مجلس الأمة معاشاً استثنائياً، صرح الأمين العام لمجلس الأمة، مبررا، أن ما تم نشره في القبس ليس أمراً جديداً أو مستحدثاً، وليست المرة الأولى التي «توافق فيها الحكومة» على تقرير معاش استثنائي لبعض أعضاء مجلس الأمة، عملاً بالمادة 80 من قانون التأمينات الاجتماعية. واستطرد الأمين العام الكندري قائلا إنه قد جرى العمل، في الفصول التشريعية السابقة، ومنذ مجلس 1992، على منح هذا المعاش في بداية كل فصل تشريعي للأعضاء الذين لم يتقاضوا قبل انتخابهم معاشاً تقاعدياً، أو كانوا يتقاضون معاشاً محدوداً يقل عن معاش زملائهم من الأعضاء». وان منحهم معاشاً استثنائياً تحقيقاً للتسوية في المعاملة المالية بينهم وبين غيرهم من الأعضاء، الذين كانوا قبل انتخابهم يتقاضون معاشات تقاعدية، ويحق لهم الجمع بينها وبين المكافأة البرلمانية، عملا بأحكام القانون 4 لسنة 1963 بتعديل مكافآت أعضاء مجلس الأمة، الذي يجيز للعضو الجمع بين مكافأة العضوية، وبين ما يستحقه من معاش تقاعدي.
ما لم يذكره السيد الكندري أن بعض من «أصابتهم» عطايا الحكومة لم يسبق أن طالبوا بها، كما صرح بذلك السيد النائب راكان النصف! فلم تمنح الأموال لمن لم يطلبها أصلا؟ وهل في الأمر شبهة دستورية، عندما تقوم جهة تنفيذية بـ«الموافقة» على منح أموال للجهة، التي تقوم بمراقبة أعمالها ومحاسبتها، وحتى طرح الثقة فيها؟
وماذا عن أولئك النواب الذين سبق أن رفضوا مثل هذه المنح والعطايا، كالنائب المخضرم، السابق والحالي، السيد عبدالله الرومي، والذي سبق أن شاركه في رفض هذه المعاشات الاستثنائية نواب سابقون كعبدالوهاب الهارون ووليد الجري وغيرهما!
​ولا ننسى في هذه العجالة الموقف المميز للنائب السابق مشاري العصيمي من هذا الموضوع.​
إن مجرد قول الأمين العام إن «الحكومة وافقت» على صرف هذه المعاشات الاستثنائية لعدد من النواب، لدليل دامغ على شبهة هذا التصرف، وبالتالي يجب أن يعاد النظر فيه، وليس عذرا التعلل بأن هذا الإجراء معمول به منذ 1992.
إن ممارساتنا الديموقراطية يجب أن ترتقي إلى ممارسات الدول المتقدمة، ولا يجوز من أكثر من نصف قرن من التجربة الديموقراطية أن نعود إلى الوراء، ولممارسات ما قبل الديموقراطية، ومحاولة الحكومة كسب ولاء النواب، بكل هذه العلنية الفجة.
قد يكون في الأمر مبرر يتعلق بالرغبة في حصول «بعض النواب» على معاش استثنائي، تحقيقاً لمبدأ العدالة في ما بين هؤلاء وبين غيرهم من الأعضاء، الذين كانوا قبل انتخابهم يتقاضون معاشات تقاعدية، ويحق لهم الجمع بينها وبين المكافأة البرلمانية، ولكن ما يجعل هذا التصرف مشبوهاً صدور الأمر من الحكومة، وكونه «منحة» منها. ولو لم توجد أصلا شبهة في هذا التصرف، فلِمَ رفض عدد من النواب المحترمين من أصحاب التاريخ البرلماني المميز قبض مثل هذه المبالغ في السابق؟
وإن كان تصرفهم برفض قبض تلك المبالغ معيباً، فلم سكت عنهم زملاؤهم النواب الذين قبضوا؟

 

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top