العرب ونظرية المؤامرة ( 2 – 2)

وبالمقابل، يتساءل الكاتب، ماذا كان دور الزعامات العربية في تلك المرحلة المهمة والمصيرية من تاريخ العرب المعاصر؟ لا شك أنه كان شبه معدوم، بسبب تواضع إمكاناتهم مقارنة بقدرات واتصالات وعلاقات الزعامات اليهودية البارزة والجبارة في كفاءتها العلمية والمالية، هذا من جهة، ومن جهة أُخرى، ضيق الأفق والتفكير المحدود عند معظم الزعماء العرب في تلك المرحلة، وهو الضعف الذي جَعَلهم يكررون أخطاءهم الجسيمة في القرارات السياسية المصيرية. ولا نزال ندفع ثمن عنادنا، وتنازلنا المتأخر، بعد ضياع الفرص، وكان آخر الأمثلة قرار «حماس» الأخير، وبعد تمنع امتد لسنوات طويلة، قبول إنشاء وطن على جزء من التراب الفلسطيني، وبعد خسائر لا تقدر بالأرواح والأموال وضياع مستقبل ملايين الأطفال الفلسطينيين.
ويستطرد الكاتب قائلا: كيف كان من الممكن ان تتعاطف معنا دول الغرب، كبريطانيا وأميركا وفرنسا، إذا كان مُرشدَ ومُفتي الديار الفلسطينية مثلا مُتَضَامناً مع «هتلر»، ويلتقي به، وهو عدوهم الأكبر، والذي تسبب جنونه في موت 50 مليونا من البشر؟
أما عن اليهود، الذين لا يزيد عددهم على الخمسة عشر مليونا بكثير، مقارنة بعدد العرب الذي يبلغ أربعمئة مليون، والمسلمون الذين يزيد عددهم على المليار بكثير، فقد تعرضوا طوال التاريخ للقتل والتنكيل والتهجير، وبالتالي توصلوا إلى نتيجة بأن عليهم تسَخير دَهَائهم، وعِلمهم، ومهاراتهم، وتخطيطهم، وبُعد نظرهم لتُعويض نقص عددهم، فأصبحوا في أقل من مئة عام وراء منجزات عظيمة في الفيزياء والكيمياء والرياضيات والطب والاقتصاد والفلسفة، وكان منهم مئات من أشهر علماء التاريخ الحديث. وقال إن بداية هذا التنظيم والتخطيط كانت في المؤتمر الصهيوني العالمي، الذي عقد في بازل عام 1897، ولم يكن حينها للعرب صوت أو إنجازات.
ومع كل ما نطلق عليه تسمية «جرائم اليهود»، إلا أن لا هم ولا كل المسيحيين ولا الشيوعيين ولا غيرهم استطاعوا النيل من العرب بهذه الوحشية، كما فعلنا بأنفسنا!
الخلاصة أننا لو افترضنا، وبعد 100 عام، على أن ارض فلسطين خالية من البشر، ويتنازع عليها العرب واليهود، وتم تعيين الغرب حكما، فلمن سيتم الحق في سكن تلك الأرض؟ أعتقد أن الجواب ساذج جدا، ولكنه مؤلم وحقيقي. فالمسألة لا تتعلق هنا بحقوق شعب نتعاطف معه بكل جوارحنا، ولكن بالطريقة التي تتصرف بها الدول، فليس هناك عدو دائم، بل هناك مصالح دائمة، ومن هنا جاء إعلان بلفور لمصلحة الطرف الأقوى. وإن أردنا ان تعود فلسطين لنا، فيجب أن نتوقف عن التباكي على الماضي، فلا يكفي ان نكون على حق، بل يجب أن نمتلك القوة العلمية والتقدم الحضاري، والمساهمة في التراث الإنساني، لكي يقف العالم معنا، ولا أدري متى سيحدث ذلك، وجزء كبير منا يكفر ابن رشد والفارابي وابن سينا والخوارزمي، وغيرهم، ممن تبقى من أمور قليلة نفتخر بها، ووصفهم بالزنادقة الملحدين!

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top