الوزير الفارس

سيدي الكريم والوزير الفاضل معالي محمد الفارس، وزير التربية وزير التعليم العالي.
لقد سبق أن وعدتنا، ووعدنا من سر بخبر توزيرك، بثورة ستحدثها في الوزارة!
بعد مرور ما يكفي من الوقت، لم نرَ شيئاً من تلك الثورة، ولا نلومك بالطبع على ذلك، فمشاغلك كثيرة، ومسؤولياتك ومشاركاتك في اجتماعات مجلسي الوزراء والأمة، ومختلف اللجان عديدة، هذا غير برامج سفرك، وتواجدك في وداع واستقبال كبار المسؤولين، وكل هذا بالكاد يترك لك ما يكفي من وقت للتفكير في ثورتك.
دعني، أو بالأحرى اسمح لي بأن أبين لك أن الوزارة لا تشكو من قلة المدرسين، لكن تشكو من سوء أدائهم، ولا تشكو من سوء مناهج، لكن من خطورتها وتخلفها، ولا تشكو من قلة مبانيها بل من عدم كفاءتها، وكل هذه الأمور تحتاج ثورة بالفعل.
مصر، التي تعرفها جيداً، والتي تعج بكل ما يمكن تخيله من مشاكل، سعت إلى فعل شيء للخروج من بعض مشاكلها، وربما من أكثرها تعقيداً، ألا وهي مشكلة مخرجات التعليم. فإهمالها تسبب في كل هذا الغلو والتطرف والإرهاب القاتل، الذي وجدت مصر نفسها فيه، والذي ضرب غيرها من دول العالم. فمصر بكل متاعبها، أعلنت بلسان وزير أوقافها، وبالتعاون مع وزير التربية فيها، عن ثورتها. ففي مقابلة تلفزيونية يوم الجمعة الماضي، أعلن الوزير الشيخ محمد مختار جمعة أن مصر ستبدأ منذ السنة الدراسية القادمة، ولأول مرة في تاريخها، بتدريس مادة جديدة بعنوان «الأخلاق والقيم والمواطنة»، وأن هذا الكتاب، الذي قام هو شخصياً بمراجعته كلمة كلمة، والذي سبق أن راجعه ووافق عليه كل من شيخ الأزهر، ورئيس الكنيسة القبطية البابا تواضروس، ونال مباركتهما، سيحل محل كتب التربية الدينية، في المدارس الإسلامية والمسيحية.
تصريح وتأكيد وثقة الوزير بكلامه لم تستمر كثيراً، حيث تراجع قليلاً عن اعتبار الأمر استبدالاً أو إحلالاً، بسبب هجوم القوى المحافظة عليه وانتقادهم قراره! إلا أن مجرد طرح الموضوع بتلك الصورة وبهذا الوضوح، دلالة على توق المجتمع المصري إلى إحداث تلك النقلة النوعية في المناهج، التي طال انتظارها!
سيدي الوزير الفارس. لقد أتعبنا جميع وزراء التربية الذين سبقوك، ومنهم أصدقاء أعزاء. أتعبونا بعجزهم عن فعل شيء لتحديث مناهج مدارسنا، وإحداث الثورة المطلوبة في أساليب التدريس، الديني بالذات. وهم لم يفعلوا شيئاً ربما عن عجز، أو قلة حيلة، أو لإدراكهم بأن بقاءهم لن يطول، وأن الوقت لن يسعفهم لفعل شيء، أو أن الأمر برمته لا يستحق بذل جهد من أجله، أو ربما عجزوا عن إقناع الرئيس وبقية الزملاء في المجلس بضرورة الإصلاح!
ولكن إن نجحت في إحداث التغيير الذي طال انتظاره، فإننا سندخل معك التاريخ من أوسع أبوابه، فهل ستكون، يا معالي الوزير، هذا الفارس؟

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top